" القول في باب الربا" قال الغزالي: قالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَالوَرِقَ بِالوَرِقِ وَالبُرَّ بالبُرِّ وَالتَّمْرَ بِالتَّمْرِ وَالشَّعِيرَ بالشَّعيرِ وَالمِلْحَ بِالمِلْحِ إِلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ يَداً بِيَدٍ (?)، فَمَنْ بَاعَ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ المَطْعُومَاتِ بِجِنْسِهِ فَلْيَرْعَ المُمَاثَلَةَ بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ وَالحُلُولِ أعْنِي ضِدَّ النَّسِيئَةِ وَالتَّقَابُضِ (ح) فِي المَجْلِسِ فَإنْ بَاعَ بِغَيْرِ جنْسِهِ لَمْ يَسْقُطْ إِلاَّ رِعَايَةُ المُمَاثَلَةِ فِي القَدْرِ، وَفِي مَعْنَى المَطْعُومَاتِ كُلُّ مَا يَظْهَرُ فِيهِ قَصْدُ الطَّعْمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقَدَّراً حَتَّى السَّفَرجَلُ (و) وَالزَّعْفَرَانُ (م) وَالطِّيْنُ الأَزمَنِيٌّ (م)؛ لأَنَّ عِلَّةَ رِبَا الفَضْلِ فِيهِ الطُّعْمُ (م ح) ولكنْ فِي المُتَجَانِسَيْن، وعِلَّةُ تَحْرِيمِ النَّسَإ وَوُجُوبِ التَّقَابُضِ الطَّعْمُ (م ح) فَقَطْ، وَإذَا بِيعَ مَطْعُومٌ بِمَطْعُومِ فهُو في مَحَلِّ الحُكْم بتَحْرِيمِ النسَإِ ووَجُوبِ التَّقَابُضِ، وِعِلَّةُ الرِّبَا في النَّقْدَينِ كَوْنُهُمَا جَوْهَريُّ الأَثْمَانِ (ح) فَتَجْرِي في الحُليِّ وَالَأوَانِي المُتَّخَذَةِ مِنْهُمَا، وَلاَ يَجُوزُ سَلَمُ شَيْءٍ في غَيْرِهِ إِذَا كَانَا مُشْتَرِكَيْنِ في عِلَّةِ النَّقْدِيَّةِ أَوْ في الطُّعْمِ.
قال الرافعي: لما كان الطَّرف الأول من الكتاب معقوداً في صحَّة البيع وفساده، وقد تكلم في الباب الأول في الأركان وشروطها، وجب النَّظر في أسباب الفَسَاد، وتارة يكون لاختلال في الأركان أو في بعض شروطها، وإذا عرفت اعتبارها عرفت أن فقدها مفسد، وتارة يكون لغيره من الأسباب، فجعل بقية أبواب الطَّرف في بيانها، فمنها الرِّبا (?).