التفريع: إن قلنا: إنَّ بَدَلَهُ الصوم فما ذلك الصوم؟ فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: وبه قال أحمد -رحمه الله-: صوم المتمتع عشرة أيام.

والثَّاني: صوم فدية الأَذَى ثلاثة أيام.

والثالث: ما يقتضيه التَّعديل، وإنما يدخل الطعام في الاعتبار على هذا القول ليعرف به قدر الصوم لا ليطعم.

وإن قلنا: إن بدله الإطعام، ففيه وجهان:

أحدهما: أنه مقدر كَفِدْية الأذى، وهو إطعام ثلاثة آصع ستة مساكين.

الثاني: أنه يطعم ما يقتضيه التعديل.

وإن قلنا: لكل واحد مدخلاً فيه فهل بينهما ترتيب؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا، كما في فدية الحَلْق.

وأصحهما: نعم كالترتيب بين الهَدْي وبدله، فعلى الأول قدر الطّعام والصِّيام كقدرهما في الحَلْق، وعلى الثَّاني الطريق بينهما التَّعْدِيل.

إذا عرفت ذلك فانظر في لفظ الكِتَاب، وأعلم قوله: (ولا بدل له في قول) بالألف، ويقابله أن له بدلاً، وما هو؟ ذكر فيه أقوالاً ثلاثة:

أحدها: أن بدله كبدل دم التمتع، وهذا مختصر قولنا: إن بدله الصَّوم، وإن ذلك الصوم صوم التمتع.

والثَّاني: أن بدله كبدل دم الحلق، وهذ، مختصر قولنا: إن للإطعام والصيام معاً مدخلاً في البدلية، وإن الأمر فيهما على التخيير والتقدير.

والثالث: أن بدله كبدل دم الواجبات المَجْبورَة، وهذا مختصر قولنا: لكل واحد منهما مدخل فيه، والأمر فيهما على الترتيب والتعديل، فعلى الأول هو دم ترتيب وتقدير. وعلى الثاني دم تخيير وتقدير وعلى الثَّالِثِ دم تَرْتِيب وتعديل، وهذا حكم دِمَاء الواجبات المَجْبُورة على الأَرْجَح عند صاحب الكتاب على ما مر، فإن لم نقل بذلك لم يستمر هذا التشبيه، والأصح في المسألة الَّتِي نحن فيها: الترتيب والتَّعديل، قاله القاضي الروياني وصاحب "التهذيب"، وغيرهما -رحمهم الله- وهو اختيار الْمَزنِيّ -رضي الله عنه -والله أعلم-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015