قال الله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (?).

وأما التَّقْدِير فهو مأخوذ من حديث كعب بن عجرة، وقد رويناه في باب المَحْظُورَات.

وقوله في الكتاب: (دم الفوات) يجوز إعلامه بالواو لما رويناه من القول الثاني.

وقوله: (وتخيير في جزاء الصيد) بالواو، لقول حكيناه عن رواية أبي ثور من قبل أنه على الترتيب.

وقوله: (فهذه الثلاث منصوص عليها) أي ورد نص الكتاب أو الخبر في كيفية وجوبها وما عداها مقيس بها.

قال الغزالي: الوَاجِبَاتُ المَجْبُورَةُ بِالدَّم فِيهَا دَمُ تَعْدِيلٍ وَتَرْتِيبٍ، وَقِيلَ: إِنَّهُ كَدَمِ التَّمَتُّعِ في التَّقْدِيرِ أَيْضاً.

قال الرافعي: الدَّم المَنوُط بترك المأمورات كالإحرام من المِيْقَات والرمي والمبيت بِمُزْدَلَفَة ليلة العيد، وبمنى ليالي التَّشريق، والدفع من عرفة قبل غروب الشمس، وطواف الوداع فيه وجهان:

أحدهما: أنه دم ترتيب وتعديل.

أما الترتيب فإلحاقاً له بدم التَّمتْع لما في التَّمَتُّع من ترك الإحرام من الميقات.

وأما التَّعْديل فجرياً على القِياس، والتقدير لا يعرف إلا بتوقيف، فعلى هذا يلزمه ذبح شاة، فإن عجز قوم الشاة دراهم، واشترى بها طعاماً يتصدق به، فإن عجز صام عن كل مُدٍّ يوماً، وإذا ترك رمى حصاة، فقد ذكرنا أقوالاً في أن الواجب مد أو درهم أو ثلث شاة، فإن عجز فالطعام والصوم على ما يقتضيه التعديل بالقيمة.

والوجه الثاني: أنه يلحق بدم التمتع في التقدير، كما ألحق به في الترتيب، ويكون الواجب دم ترتيب وتقدير، فإن عجز عن الدم صام ثلاثة في الحج وسبعة بعد الرجوع، وفي تعليق بعض المَرَاوِزَة وجه آخر -تفريعاً على الوجه الثاني-: وهو أن الصَّوم المعدول إليه هو صوم فدية الأذى دون العشرة وما الأظهر من الوَجْهَيْن؟

إيراد الكتاب يشعر بترجيح الوجه الأول، وبه قال القاضي ابن كج والإمام وغيرهما، الثاني أظهر في المذهب، ولم يورد العراقيون وكثير من سائر الطبقات غيره، وحكى القَاضِي ابْنُ كَجٍّ وَجْهاً ثالثاً ضعيفاً أنه دم تخيير وتعديل كجزاء الصَّيْد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015