حصل الفوات فله التَّحلل كما في الإحْصَار؛ لأن في بقائه محرماً حرجاً شديداً يعسر احْتِمَاله وبم يتحلل؟

قال في "المختصر" وغيره: يطوف ويسعى ويحلق، وقال في "الإملاء": يطوف ويحلق، ولم يتعرض للسعي، واتفق الأصحاب على أن الأمر بالحَلْق مبني على أنه نسك، وعلى أن الطواف لا بد منه، واختلفوا في السّعي على طريقين: أشبههما: أنه على قولين:

أحدهما: أنه لا يجب السعي؛ لأن السعي ليس من أسباب التَّحلل، أَلاَ تَرَى أنه لو سعى عُقَيْبَ طواف القدوم بجزئه، ولو كان من أسباب التحلل لما جاز تقديمه على الوقوف.

وأصحهما: أنه يجب السعي مع الطواف.

لما روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: لأبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- وقد فاته الحج، "اصْنَعْ مَا يَصْنَعُ الْمُعتَمِرُ، وَقَدْ حَلَلْتَ، فَإِنْ أَدْرَكَكَ الْحَجُّ قَابِلاً فَحُجَّ، وَاهَدِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي" (?).

والطريق الثاني: القطع بالقول الثَّاني، وحمل ما في "الإملاء" على الاختصار وإلا يجاز، فإن السعي كالتَّابع للطواف فاكتفي بذكر الأصل أو حمله على ما إذا كان قد سَعَى عُقَيْبَ طواف القدوم لا يلزمه الإعادة ولا يجب عليه الرَّمْي، والمبيت بمنى، وإن أدرك وفيه مع الأعمال المذكورة خلاف للمزني -رحمه الله- وذكر أن الإصطخري مال إليه.

لنا: ما رويناه عن عمر -رضي الله عنه-، وقد اشتهر ذلك في الصحابة -رضوان الله عليهم- ولم ينكر عليه منكر، ويخالف ما إذا أفسد الحج، فإن هناك هو مأمور بالوقوف، والرمي والمبيت من توابع الوقوف، فأمر بهما وهاهنا بخلافه، وليس أمرنا إياه بالطواف، وسائر أعمال العمرة لانقلاب إحرامه بفوات الحج عمرة، ولا نقول باحتسابها عن عمرة الإسلام، وعن أحمد: أنه ينقلب إحرامه عمرة، وعن الشيخين أبي محمد وأبي علي: رواية وجه ضعيف مثل مذهبه.

لنا أن إحرامه انعقد بأحد النُّسُكَيْن فلا ينصرف إلى الآخر كما لو أحرم بالعمرة لا ينصرف إلى الحج.

ثم من فاته الحج إن كان حجَه فرضاً فهو في ذمته كما كان، وإن كان تطوعاً فعليه قضاؤه كما لو أفسده، وعن أحمد رواية: انه لا قضاء عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015