الجديد وبه قال مالك: لا يضمن؛ لأنه ليس بمحل النّسك فأشبه مواضع الحِمَى، وإنما أثبتنا التحريم للنصوص.
والقديم وبه قال أحمد: أنه يضمن، وعلى هذا فما جزاؤه؟ فيه وجهان:
أحدهما: أن جزاءه كجزاء حرم مكة لاستوائهما في التحريم.
وأظهرهما: وبه قال أحمد: أن جزاءه أخذ سلب الصائد، وقَاطِع الشَّجر، لما روى أن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-: "أَخَذَ سَلْبَ رَجُلٍ قَتَلَ صَيْداً في الْمَدِينَةِ، وَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ رَأَى رَجُلاً يَصْطَادُ بِالْمَدِينَةِ فَالْيَسْلِبْهُ" (?). وعلى هذا ففيما يسلب؟ وجهان الذي أورده الأكثرون أنه يسلب منه ما يسلبه القاتل من قتيل الكفار.
والثاني: أنه لا ينحى بهذا نحو سلب القتيل في الجِهَاد، وإنما المراد من السلب هاهنا الثِّياب فحسب، وهذا ما أورده الإمام وتابعه المصنف فقال: (إذ ورد فيه سلب ثياب الصائد) فقيد بالثياب، وعلى الوجهين ففي مصرفه وجْهَان مشهوران:
أظهرهما: أنه للسالب كسلب القتيل، وقد روي أنهم كلموا سَعْداً في هذا السَّلب فقال: "مَا كُنْتُ لِأَرُدَّ طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-" (?).
والثاني: أنه لمحاويج المدينة وفقرائها كما أن جزاء صيد مكة لِفُقَرَائِهَا، ووجه ثَالِثٌ حكاه الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عن الأستاذ أَبِي إِسْحَاقَ، والقَفَّالِ: أنه يوضع في بَيْتِ المال، وسبيله سبيل السَّهْمِ المترصد للمصَالِح.
وقوله في الكتاب: (ففي الضمان وجهان) اقتدى فيه بالإمام، والمشهور في المسألة قولان: وقوله: (إذ ورد فيه سلب ثياب الصائد في الصيد) معناه أن واجب هذه الجناية هو السلب الذي ورد في الجزاء، إذ لو وجب الجزاء لوقع الاكتفاء به، كما في صيد مكَّة، وعنى بالضمان الجزاء دون المُشْتَرك بينه وبين السَّلْب، فاعرف ذلك.
وقوله: (وإنما يستحق السلب إذا اصطاد، أو أتلف) قصد به التعرض لما ذكره الإمام، حيث قال: غالب ظني أن الذي يهم بالصيد لا يسلب حتى يصطاد، ولست أدْرِي أيسلب إذا أرسل الصيد أم ذلك إذا أتلف الصَّيد (?)؟ ولفظ "الوسيط" لا يسلب إلا