أحدهما: المنع، لأنهما مُخْتَلِفَان في الخِلْقَة، وذلك مما يقدح في المِثْلِيَّةِ.
وأصحهما: الجواز، كما في الزَّكاة، ولأن هذا اختلاف لا يقدح في المقصود الأصلي، فأشبه الاختلاف في اللَّون.
والطريق الثاني: تنزيل النصين على حالين إن أراد الذبح لم يجز؛ لأن لحم الذَّكر أطيب، وإن أراد التقويم جَازَ؛ لأن قيمة الأنثى أكثر.
وقيل: إن لم تلد الأنثى جاز، وإن ولدت فَلا، لأن الولادة تُفْسِدُ اللَّحْم، وإذا جوزنا ذَبْحَ الأنثى عن الذَّكَرِ، فهل هو أولى؟ قال بعضهم: نعم؟ لأن لحم الأُنْثَى أَرْطَب، وقال القَاضِي أَبُو حَامِدٍ: لا؛ لأن لَحْمَ الذكَرِ أَطْيَبُ. وأما فداء الأنثى بالذَّكَرِ ففي جوازه وَجْهَان، ويقال: قولان كما سبق، وحكى الإمام طريقة أخرى أن فداء الذكر بالأنثى جَائِزٌ، لاَ محالة كما في الزَّكَاةِ، وإنما التردد في عَكْسِهِ، وإذا اختصرت هذه الاختلافات خرج منها ثلاثة أقوال كما ذكر في الكِتَاب، وإذا تأملت ما حكيناه من كلام الأصحاب وجدتهم طاردين للخِلاَف مَعَ نقصان اللَّحْمِ.
وقال الإمام -رحمه الله-: إن كان ما يخرجه ناقصًا في طِيب اللَّحْمِ، أو في القيمة لم يجزه بلا خِلاَف، والخلافُ مخصوصٌ بما إذا لم يكن فيه واحَد من النقصانين، وإلى هذا أشار صاحب الكتاب بقوله: (مع تساوي اللحم والقيمة).
قال الغزالي: وَلَوْ قَتَلَ ظَبْيَةَ حَامِلاً أَخْرَجَ طَعَاماً بِقِيمَةِ شَاةٍ حَامِلٍ حَتَّي لاَ تَفُوتَ فَضِيلَةُ الحَمْلِ بالذَّبْحِ، وَقِيلَ: يَذْبَحُ شَاةً حَائِلاً بِقِيمَةِ الحَامِلِ، وَإِنْ أَلْقَتِ الظَّبْيَةُ جَنِيناً مَيِّتاً فَلَيْسَ فِيهِ إلاَّ مَا يَنْقُصُ مِنَ الأُمِّ، وَإِنِ انْفَصَلَ حَياً ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ.
قال الرافعي: الفرع الثاني: إذا قتل صيداً حاملاً من ظبية وغيرها، قابلناه بمثله من النَّعَم حَامِلاً، لأن الحمل فضيلة مقصودة فلا سبيل إلى إهمالها، لكن لا تذبح الحَامِل؛ لأن فضيلة الحَامِل بالقيمة لتوقع الولد (?)، وإلا فلحم الحَائِلِ خَيْرٌ من لَحمِهِ، فإذا ذبح فاتت فضيلته من غير فائدة تحصل للمساكين، فيقوم المثل حاملاً، ويتصدق بقيمته طعاماً، وفي وجه يجوز أن يذبح حائلاً نفيساً بقيمة حَامِلٍ وسط، ويجعل التفاوت بينهما كالتفاوت بين الذَّكَرِ والأُنْثَى.
ولو ضرب بَطْنَ صَيْدٍ حَامِل فألقى جنيناً ميتاً، نظر إن ماتت الأم أيضاً فهو كما لو