أَنَّ الجَمْعَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ، وَلَوْ وَقَفُوا اليَوْمَ العَاشِرَ غَلَطًا في الهِلاَلِ فَلاَ قَضَاءَ، وَلَو وَقَفُوا اليَوْمَ الثَّامِنَ فَوَجْهَانِ؛ لِأنَّ هَذَا الغَلَطَ نَادِرٌ.
قال الرافعي: الغرض الآن الكلام في كيفية الوُقوف ومكانِه وَزَمَانِه.
أما الكيفية بالمعتبر الحُضُور بشرط أن يكون أهلاً للعبادة، وفيه صور:
الأولى: لا فرق بين أن يحضرها ويقف وبين أن يَمُرّ بِهَا؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- "الْحَجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الحَجِّ" (?).
وذكر القَاضِي ابْنُ كِجٍّ -رحمه الله- أن ابْنَ القَطَّانِ -رحمه الله- جعل الاكتفاء بالمرور المجرد على وجهين.
الثانية: لا فرق بين أن يحضر وهو يعلم أنها عَرَفَة، وبين أن لا يعلم، وعن ابْنِ الوَكِيلِ أنه إذا لم يعلم لم يجزه.
الثالثة: لو أحضرها نَائِماً، أو دخلها قَبْلَ وقت الوُقوف وَنَامَ حتى خرج الوقت أجزأه، كما لو بقي نَائِماً طول نَهَارِهِ أجزأه الصَّوْمُ عَلَى المَذْهَبِ، وفيه وجه: أنه لا يجزئه، كما لو وقف مغمىً عليه، قال في "التتمة": والخلاف في هذه الصورة والتي قبلها مبني على أن كُلَّ رُكْنٍ من أركان الحج هل يجب إفراده بنيته لانفصال بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ أم يكفيها النية السَّابقَة؟ ولو فرض في أشواط الطواف أو بعضها النَّوْم لي هيئة لا تنقض الوضوءَ فقد قال الإمام: هذا يقرب من الخلاف في صَرْفِ الطَّوَافِ إلى غير جِهَةِ النُّسُكِ، ويجوز أن يقطع بوقوعه موقعه.
الرابعة: لو حضر وهو مغمىً عليه لم يجزه؛ لفوات أهلية العبادة؛ ولهذا لا يجزئه الصَّوْم إذا كان مغمى عليه طول نهاره، وفيه وجه: أنه يجزئه اكتفاءً بالحُضُورِ، والسكران كالمغمى عليه، ولو حضر وهو مجنون لم يجزه، قاله في "التتمة"، لكن يقع نَفْلاً كحج الصّبي الذي لا تمييز له، ومنهم من طرد في الجُنونِ الوجهَ المنقول في الإِغْمَاء.
الخامسة: لو حضر بعرفَةَ في طَلَبِ غَرِيمٍ أو دابة نَادَّةٍ (?) كَفَاه، قال الإمام: ولم