قال الغزالي: وَإِنَّمَا تَنْتَقِضُ بأُمُورٍ أَرْبَعَةٍ (الْأَوَّلُ) خُرُوجُ الْخَارجِ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ رِيحًا كَانَ أَوْ عَينًا نَادِراً كَانَ أَوْ مُعتَادًا طَاهِرًا أَوْ نَجِساً.
قال الرافعي: نواقض الوضوء عندنا أربعة:
أحدها: خروج الخارج من أحد السَّبِيلَيْنِ، يدل عليه الإجماع والنصوص، كقوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (?) وقوله -صلى الله عليه وسلم- في المَذْي: "يَنْضَحُ فَرْجَهُ بِالْمَاءِ ويتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ" (?). ولا فرق بين العين والريح قال -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ وُضُوءَ إِلاَّ مِنْ صَوْتٍ (?) أَوْ رِيحٍ" وقد يفرض خروج الريح من القُبُلِ في النساء، ومن الإحليل أيضاً؛ لأدرة وغيرها فينقض الطهارة أيضاً خلافاً لأبي حنيفة، لنا القياس على الدُّبُرِ، ولك أن تعلم قوله: (ريحاً) بالحاء إشارة إلى هذا الخلاف، وإذا كان الخارج عيناً فلا فرق بين أن يكون معتاداً أو نادراً كالذود والحصا خلافاً لمالك في النادر إلا في دم الاسْتِحَاضة.
لنا القياس على المعتاد بعلَّة أنه خارج من السبيلين، وظاهر ما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ" (?). ونحو ذلك.
وأما قوله طاهراً أو نجساً فقد يتوهم أن المراد من الطاهر المَنِيُّ، وليس كذلك، بل المراد منه الدود والحصا وسائر ما هو طاهر العين.
وأما المني فلا يوجب خروجه الحدث وإنما يوجب الجَنَابة، ولا يُغْتَرُّ بتعميم الأئمة القول في أن الخارج من السبيلين ناقض للطهارة، فإن هذا ظاهر يعارضه نصهم في تصوير الجنابة المجردة عن الحَدَثِ، على أن من أنزل بمجرد النظر أو بالاحتلام