إحداها: لو مشى على شَاذْرَوَانِ البَيْتِ لم يصح طَوَافُه؛ لما ذكرنا أنه من البيت، وعن المُزَنَي: أنه سماه تأزير البيت، أي: هو كالإِزَارِ له، وقد يقال: له التأزيز -بزائين وهو التأسيس.

الثانية: ينبغي أن يدور في طَوَافِهِ حول الحجَرِ الذي ذكرنا أنه بين الرُّكْنَيْنِ الشَّاميين، وهو موضع حُوّطَ عليه بجدار قَصِيرٍ، بينه وبين كل واحد من الرّكنين فتحة، وكلام جماعة من الأصحاب يقتضي كون جميعُه من البيت، وهو ظاهر لفظه في "المختصر"، لكن الصحيح أنه ليس كذلك، بل الذي هو من البيت منه قدر ستة أذرع تتصل بالبيت، روي أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "نَذَرْتُ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْبَيْتِ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- صلي فِي الْحَجرِ فَإِنَّ سِتَّةَ أَذْرُع مِنْهُ مِنَ الْبَيْتِ" (?). ومنهم من يقول: ستة أذرع أو سبعة كان الأمر فيه على التَّقْرِيب، ولفظ "المختصر" محمول على هذا القدر، فلو دخل إحدى الفتحتين وخرج من الأخرى فَهُوَ مَاشٍ في البيت، لا يحسب له ذلك، ولا طوفه بعده، حتى ينتهي إلى الفَتْحة التي دخل منها، ولو خلف القدر الذي هو من البيت، ثم اقتحم الجدار، وتخطى الحجر على السّمت، صَحَّ طوافه (?).

الثالثة: لو كان يطوف، ويمس الجِدَارَ بيده في موازاة الشاذروان، أو أدخل يده في موازاة ما هو من البيت من الحِجْرِ، ففي صحة طوافه وجهان:

أحدهما: وبه أجاب في الكتاب: أنه يَصِح؛ لأن معظم بَدَنِهِ خَارجٌ، وحينئذ يصدق أن يقال: إنه طَائِفٌ بالبيت.

وأصحهما: باتفاق فرق الأصحاب وفيهم الإمام: أنه لا يَصِح؛ لأن بعض بَدَنِهِ في البيت، كما لو كان يضع إِحْدَى رِجْلَيْهِ أحياناً على الشاذروانِ ويقفز بالأخرى.

وقوله في الكتاب: (أن يكون بجميع بدنه خارج البيت) لفظ الجميع كالمستغنى عنه، فإنه لو اقتصر على قوله: (أن يكون ببدنه) كان المفهوم منه الجميع، وإذا تعرض له فَلاَ شَكَّ أن مثل هذا إنما يذكر تأكيداً ومبالغة في أنه لا يتحمل خروج البَعْضِ، وهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015