الفصل الرابع، في كيفية الاستنجاء

قال الغزالي: الفَصْلُ الرَّابعُ، فِي كَيْفِيَّةِ الاسْتِنْجَاءِ: فَيَسْتَنْجِي بِثَلاَثةِ أَحْجَار وَالعَدَدُ وَاجِبٌ (ح م ز). فَإِنْ لَمْ يَحْصُلِ الإِنْقَاءُ اسْتَعمَلَ رَابِعاً حَصَلَ أَوْتَرَ بِخَامِسَةٍ، وَيَمُرُّ كُلَّ حَجَرٍ عَلَى جَمِيعِ المَوضِعِ عَلَى أَحْسَنِ الوَجْهَينِ، وَقِيلَ: إِنَّ وَاحِدَةٌ لِلصَّفْحَةِ اليُمْنَى وَوَاحِدَةً لِلصَّفْحَةِ اليُسْرَى وَوَاحِدَةً لِلوَسَطِ، وَينْبَغِي أَنْ يَضَعَ الحَجَرَ عَلَى مَوْضِع طَاهِرِ حَتَّى لاَ يَلْقَى جُزْءاً مِنَ النَّجَاسَةِ ثُمَّ يُدِير لِيخَتَطِفَ النَّجَاسَةَ وَلاَ يُمِرَّ فَيَنْقُلُهَا، فَإنْ أمَرَّ وَلَمْ يَنْقُلْ كَفَى عَلَى أَصَحَّ الوَجْهيْنِ وَيَسْتَنْجِي بِيَدِهِ اليُسْرَى، وَالأَفْضَلُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ المَاءِ والحَجَرِ.

قال الرافعي: وفي الفصل مسائل:

إحداها: إذا كان يستنجي بالجامد وجب أن يستوفي ثلاث مَسَحَات، إما بأحرف حجر واحد وما في معناه، أو بأحجار؛ لما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ لِحَاجَتِهِ فَليَمْسَح ثَلاَثَ مَسَحَاتٍ" (?). وعن سلمان -رضي الله عنه- قال: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- "أَنْ لاَ نَجْتَزِئَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ". وظاهر الأمر للوجوب (?) فيجب رعاية العدد.

وعند أبي حنيفة الاستنجاء مستحب من أصله، والعدد فيه غير مُسْتَحَبٍّ، وإنما الاعتبار للإنْقَاءِ. وقال مالك: إذا حصل الإنقاء بما دون الثَّلاَثِ كفى، ولأصحابنا وجه يوافقه حكاه أبو عبد الله الحناطي وغيره، ويحتج له بما روى: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ [مَنْ فَعَلَ فَقدْ أَحْسَنَ] وَمَنْ لاَ فَلاَ حَرَجَ" (?). ومن أوجب العدد حمله على ما بعد الثلاث؟ جمعاً بين الأخبار، وحينئذ لا حرج في ترك الإِيتَارِ، ثم قوله: وَلْيَسْتَنْجِ بثلاثة أحجار ليس لتخصيص الحكم بها؛ لأن غير الحجر بالشرائط المذكورة مشارك للحجر في تحصيل مقصود والاستنجاء، وقد روى أَنَّه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "وَلْيَسْتَنْجِ بِثَلاَثَةِ أَحْجَار، لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ ولا عَظْمٌ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015