لأبي حنيفة. ومأخذ الخلاف أن الرِّدَّة عنده مُحْبِطَةٌ لِلْعمل، وعندنا إنما تحبطه بِشَرط أن يموت عَلَيْها، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} (?) الآية.
وساعد أحمد أبا حنيفة -رحمه الله- في المسألة، ولكن لا من جهة هذا المأخذ، ثم إن المصنف حصر مقصود الكتاب في ثلاثة أقسام:
أولها: المقدمات.
وثانيها: المقاصد.
وثالثها: اللّواحق والخواتم.
وفي القسم الأول مقدمتان:
إحداهما: في الشَّرَائط والأخرى في المَوَاقيت.
واعلم أنه جعل الميقات على قسمين زَمَاني، ومكاني، ولا شَكَّ أن الميقات الزماني من شرائط صحَّة الحج، فالوجه حمل الشرائط وإن أطلقها على ما سوى الوَقْت، لِئَلاَّ يدخل شيء من أحدى المقدمتين في الأخرى -والله أعلم-.
قال الغزالي: القول الأول: الشَّرَائِط وَلاَ يُشْتَرطُ لِصِحَّةِ الحَجِّ إِلاَّ الْإِسْلاَمُ، إِذْ يَجُوزِ لِلْوَليِّ أَنْ يَحْرِمَ (ح) عَنِ الصَّبِيِّ وَيحِجَّ بِهِ وَلاَ يُشْتَرطُ لِصِحَّةِ المُبَاشَرَةِ إِلاَّ الإسْلاَمُ والتَّمْيِيزُ، فَإِنَّ المُمَيِّز لَوْ حَج بِإذْنِ الوَليِّ جَازَ، وَكَذَا العَبْدُ، وَلاَ يُشْتَرَطُ لِوُقُوعِهِ عَنْ حَجَّةِ الإسْلاَمِ إِلاَّ الْإِسْلاَمُ وَالحُرِّيَّةُ وَالتَّكْلِيفُ، وَيَشْتَرِطُ لِوُجُوبِ حَجِّ الإسْلاَمِ هَذِهِ الشَّرَائِطُ مَعَ الْإِسْتِطَاعَةِ.
قال الرافعي: الشَّخْص إما أن يجب عليه الحَجُّ، أو لا يجب. ومن يجب عليه إما يجزئه المَأتِيُّ به عن حَجَّة الإسلام، حتى لا يجب عليه بعد ذَلِك بحَالٍ أو لا يجزئه.
ومن لا يجزئه إما أن تَصِح مباشرته للحَجِّ أو لا تَصِح. ومن لا تَصِح مباشرته إما أن يَصِح له الحج أو لا يصح. فهاهنا أربعة أحكام:
أحدها: مطلق صِحَّة الحَجِّ له.
وثانيها: صِحَّتُهُ له مباشرة.
وثالثها: وقوعه عن حَجَة الإسلام.
ورابعها: وجوب حَجَّة الإسلام.