شرح الطّرق الثلاثة الموجبة للفدية على ما فيها من الخِلاَف، وإذا أردت حَصْرَها فقل: لا شك أن الفدية إنما تجب عِنْدَ فوات الأداء وإذا فات الأداء فإما أن نوجب القضاء أيضاً، وهو في حَقِّ من مات قبل القَضَاء، وفي الشيخ الهرم أولاً يفوت، فإما أن يقع مؤخراً عن رمضان السَّنة القابلة وهو الطريق الثَّالث، أو لا يقع، فتجب لفضيلة الوقت في المواضع المذكورة في الطَّرِيق الثَّانِي.

قال الغزالي: فَأمَّا صَومُ التَّطوعِ فَلاَ يَلْزَمُ (م ح) بِالشُّرُوعِ، وَكَذَا القَضَاءُ (م ح) إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الفَوْرِ.

" القول في صوم التطوع":

قال الرافعي: من شَرَع في صَوْمِ تطوع أو في صَلاَة تطوع لم يلزمه الإتمام (?) ولا قضاء عليه لو خرج من صومه، وصلاته، وبه قال أحمد. وعند أبي حنيفة -رحمه الله-: لا يجوز الإفطار بِغَيْر عذر، ويجب القضاء، سواء أفطر بعذر أو بغير عذر.

وقال مالك: إن خرج بغير عذر لزمه القضاء، وإلا فلا.

لنا: ما روي عن عائشة -رضي الله عنها- "دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ: إِنَّا خَبَّأْنَا لَكِ حيساً، قَالَ: "أَمَّا أَنا كُنْتْ أُرِيدُ الصَّوْمَ، وَلَكِنْ قَرِّبِيه" (?). وعن أم هانئ - رضي الله عنه- قالت: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا صَائِمَةٌ؛ فَنَاوَلَنِي فَضْلَ شَرَابِهِ، فَشَرِبْتُ فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ صَائِمَةً، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَرُدَّ سُؤْرَكَ، فَقَالَ: "إِن كَانَ مِنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ فَصُومِي يَوْماً مَكَانَهُ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعاً، فَإِنْ شِئْتِ فَاقْضِيهِ، وَإِنْ شِئْتِ فَلاَ تَقْضِيهِ" (?). وعندنا يستحب الإتمام، وإن لم يجب، ولو أفطر فيستحب القضاء؛ ولا يكره الخروج منه بعذر، وإن كان بغير عذر فوجهان:

أظهرهما: أنه يكره.

ومن الأعْذَار أن يَعزّ على من أضَافه امتناعه من الأكل، ولو شرع في صوم القضاء، هل له الخُروجُ مِنْه؟ نظر إن كان على الفور فلا، وإن كان على التَّراخي ففيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015