افتقر في تخليصه إلى الإفطار فله ذلك (?) ويقضي، وهل تلزمه الفدية فيه وجهان:

أظهرهما: وبه قال القفال: نعم لأنه فِطْرٌ ارتفق بهِ شَخْصَان، كما في حق المرضع. والحامل.

والثاني: لا، لأن إِيجَاب الفدية مع القضاء بعيد عن القياس، والتعويل في حق المرضع والحامل على التوقيف، والوجهان فيما ذكر الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مبنيان على الخلاف في وجوب الفدية على الحامل والمرضع إن أوجبناها فكذلك، هاهنا، وإلا فلا، وأشار مُشِيرُون إلى تخريج الخلاف هاهنا مع التفريع على وجوب الفِدْيَة ثُمَّ وفرقوا بأن الإفطار ثم لإحياء نَفْسٍ عاجزة عن الصَّوْم خِلْقة، فأشبه إفطار الشَّيْخ الهرم، وهاهنا الغريق غير عاجز عن الصَّوم، -والله أعلم-.

وقوله في الكتاب: (ما تجب بفصيلة الوقت) معناه: أن الفدية قد تَجِبْ جَبْراً، لفوات فضيلة الوقت من تدارك أصل الصَّوْمِ بالقضاء، وليس ذلك مُوجِباً على الإِطْلاق بدليل المسافر والمريض، وإنما تجب في المواضع التي عدها، فلذلك قال: وهو في حق الحامل ... " إلى آخره وقوله: و (افتدتا) معلم بالحاء والزاي، ويجوز أن يعلم بالميم أيضاً، وكذا قوله: (لا يجب عليهما)، لأن مالكاً يُفَصِّل، فلا يقول بوجوبها عليهما ولا بنفيها عنهما.

قال الغزالي: الثَّالِثُ: مَا يَجِبُ لِتَأْخِيرِ القَضَاءِ فَلِكُلِّ يَوْمٍ أُخِّرَ قَضَاؤُهُ عَنِ السَّنَةِ الأوُلَى مَعَ الإِمْكَانِ مُدٌّ، وَإِنْ تَكَرَّرتِ السِّنُونَ فَفِي تَكَرُّرِهَا وَجْهَانِ.

قال الرافعي: من عليه قضاء رمضان وأَخَّرَهُ حتى دَخَل رمضان السَّنةِ القَابِلة، نظر أن كان مسافراً أو مريضاً فلا شيء عليه بالتّأخير، فإن تأخير الأداء بهذا العذر جَائِز فتأخير القضاء أولى بالجواز، وإن لم يكن وهو المراد من قوله: (مع الإمكان) فعليه مع القَضَاء لِكُل يَومٍ مُدّ. وبه قال مالك وأحمد خلافاً لأبي حنيفة، والمزني. لنا الأثر عن ابن عمر، وابن عباس -رضي الله عنهم- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَأَفْطَرَ لِمَرَضٍ، ثُمَّ صَحَّ، وَلَم يَقْضِهِ حَتَّى أَدْرَكَ رَمَضَانَ آخَرَ، صَامَ الَّذِي أَدْرَكَ، ثُمَّ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ، ثُمَّ يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيناً" (?). ولو أخر حَتَّى مضى رمضانَانِ فَصَاعداً، ففي تكرر الفِدْية وجهان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015