الإمام عن الشيخ أبي محمد، وهو كالمتردد فيه.

ثم قوله: (يصوم) مُعَلَّمٌ بالحاء والميم لِمَا سبق، وبالألف أيضاً، لأن عند أحمد لا يَصُوم عنه في قضاء رمضان، وفيه كلام الكتاب، ولكن لو كان عليه صَوْم نذر، صَامَ عنه وَليّه، وعندنا لا فرق على القولين.

وقوله: (ولا يجب على من فاته بالمرض) المراد منه الحالة الثانية، وهي أن يستمر المرض، ويمنعه من القَضَاء، ولو أفطر بعذر السَّفر ودام السَّفَر إلى الموت فلا شيء عليه أيضاً.

قال الغزالي: الثَّاني: مَا يَجِبُ بِفَضِيلَةِ الوَقْتِ، وَهِيَ في حَقِّ الحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ فَإذَا أَفْطَرَنَا خَوْفًا عَلَى وَلَدَيْهِمَا قَضَتَا وَافْتَدَتَا عَنْ كُلِّ يَوْم مُدّاً، وفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: أنَّهُ لاَ يَجِبُ كالمَرِيضِ، وَهَلْ يُلْحَقُ بهمَا الإِفْطَارُ بِالعُدْوَانِ؟ وَمَنْ أَنْقَذَ غَيْرَهُ مِنَ الهَلاَكِ وَافْتَقَرَ إلَى الإفْطَارِ فِيهِ وَجْهَانِ.

قال الرافعي: الحامل والمرضع إن خَافتا على أنفسهما أَفْطَرَتَا (?) وقَضَتَا ولا فدية عليهما كالمريض، وإن لم يَخَفَا من الصَّوم إلا على الولد فَلَهُمَا الإِفْطَار وعليهما القَضَاء. وفي الفدية ثلاثة أقوال:

أصحها: وبه قال أحمد: أنها تجب؛ لما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} (?) أنه منسوخ الحكم إلا في حق الحامل والمرضع، وعن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في الحامل والمرضع: "إذَا خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا أَفْطَرَتَا وَافْتَدَتَا" (?). والثاني: أنه تستحب لهما الفدية، ولا تجب، وبه قال أبو حنيفة، والمزني، واختاره القاضي الرّوَيَانِي في "الحلية"، ووجهه تشبيه الحامل بالمريض لأن الضرر الذي يصيب الولد يتأدى إليها، وتشبيه المرضع بالمسافر لأنهما يفطران، لئلا يمنعهما الصَّوْم عما هما بصدده وهو الإرضاع في حَقِّ هذه، والسَّفَرُ في حق ذاك، وقد يشبهان معاً بالمريض والمسافر من حيث إن الإفطار مَانِعٌ لما والقضاء يكفي تداركاً.

والثالث: وبه قال مالك: أنها تجب على المُرْضع دونَ الحَامِلِ، لأن المرضع لا تخاف على نفسها والحامل تخاف بتوسط الخوف على الولد، فكانت كالمريض،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015