لو أكَلَ، والوَجْهَانِ مُفَرَّعَانِ ظَاهِر المَذْهَب في المَذْهَب في الحَالَةِ الأُولَى، فأمَّا مَن جَوَّزَ لَهُ الأكْلَ ثُمَّ فهاهنا أولى أَنْ يَجُوز. الصُّورة الثَّالثة: إِذَاَ أَصبَحَ يَوْمَ الشَّكِّ مُفْطِراً، ثم ثبت أنه من رمضانَ فلاَ يخفى أنه يلزمه قَضَاؤهُ، وَهَلْ يجب عليه إِمْسَاكُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ؟ فيه قَوْلاَن: أصحهما: نعم؛ لأن الصَّوْمَ واجِبٌ عليه إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَعْرِفُه، فَإِذَا بَانَ لَزِمَهُ الإمْسَاك. قال الإمامُ -رحمه الله- وتخريجه على القَاعِدة التي ذَكَرنا أن الأَمْر بالإمْسَاك تغليظ وعقوبة، أنا قد ننزل المُخْطِئ منزلة العَامِد؛ لانتسابه إلى تَرْكِ التَّحَفُّظِ، ألَا ترى أنا نحكم بحرمان القَاتِل خَطَأ عن المِيرَاث.

والثاني: قاله في البويطي: لاَ، لأنه أفْطرَ بعذر فلم يلزمه إمساك بقية النَّهَارِ كَالمُسَافِرِ إِذَا قدم بعد الإفطار، وفرض أبو سَعْد المُتَولِّي هذين القولين فيما إذا بَانَ أنه من رَمَضَانَ، قَبْل أن يأكل شيئاً، ثُمَّ رَتَّبَ عَلَيْهِ ما إذا بَانَ بَعْدَ الأكْلِ، فَقَالَ إن لم نوجب الإِمْسَاك ثم فهاهنا أولى، وإلا فوجهان.

أَظْهَرْهُمَا: الوُجُوب أيضاً. ولنعد إلى ما يتعلق بلفظ الكتاب.

قوله: (في شهر رمضان) ينبه على ما قَدَّمنا أن وجوب الإمساك من خَوَاصِّ رمضان. وقوله: (غير واجب على ما أبيح له الفطر) مُعَلَّمٌ بالْحَاء، والألف، ثم اللفظ متناول للحالة الثَّانية، والثَّالثة من أَحْوَال مَسْألة المُسَافِرِ والمريض على ما فَصَّلْنَا، فيجوز أن يُعَلَّم "بالواو" أيضاً للخلاف في الحالة الثالثة، وأيضاً فإنه حكى عن "الحاوي" وجهاً في أن المريض إذا أفطر ثم بَرَأَ هَل يلزمه إِمْسَاكُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ؟ وذكر أن الوُجُوبَ طريقه أصحابنا البغداديين، والمَنْع طريقة البصريين.

والفرق بين المَرِيضِ والمُسَافِرِ أَنَّ المَرِيضَ إِنَّمَا يفطر لِلْعَجْزِ، فإذا قدر وجب أَنْ يُمْسِك، والمُسَافِر يَفْطر رُخْصَة؛ وإن أطاق الصَّوْم. وقوله: (إباحة حقيقية) فيه إشارة إلى الفَرْق بين صُورَةِ المَرِيضِ وَالمُسَافِرِ، وصورة يوما الشَّكِّ فإن أصح القولين وجوب الإمْسَاكَ يَومَ الشَّكِّ، وذلك لأن المُسَافِرِ والمريض يُبَاح لَهُمَا الأكْلُ مع العِلْمِ بِحَالِ اليَوْمِ، وَكَونه مِنْ رَمضَانَ حقيقة، وفي يوم الشَّكِّ إِنَّما أُبِيحَ الأَكْلُ، لأنه لم يتحقق كَوْنه من رمضان، فإذا تَحَقَّق لَزِمَه الإمْسَاك.

وقوله: (بعد القدوم) لا يخفى رجوعه إلى المُسَافر، وإن تَخَلَّلَ بينهما ذكر المريض، ثم هو في أكثر النُّسَخِ بَعْدَ القُدُوم وقبله، وطرح بعضهم قبله، لأنه أوضح من أن يَحْتَاج إلَى ذكره، والممكنَ فيه أن يقال: إنما ذكره كيلا يتوهم أن المُسَافِرَ إذا أَكَلَ وتقوى يلزمه الاقتصار عليه تقديراً لِلأكْلِ بِقَدْرِ الحَاجَةِ، وثبت أن بعض المعتنين بهذا الكتاب جعل مكانه "والبرء" وَهُو حَسَنٌ.

قال الغزالي: أَمَّا الصِّبَا وَالجُنُونُ وَالكُفْرُ إِذَا زَالَ لَمْ يَجِبِ الإمْسَاكُ عَلَى وَجْهٍ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015