الجُنُب. الثالثة: لا بَأْسَ لِلصَّائِم بالاكتحال (?) إذ ليست العَيْنُ مِنَ الأَجْوَافِ، وقد روي أن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "اكْتَحَلَ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ صَائِمٌ" (?) ولا فرق بين أن يجد في الحَلْقِ مِنْهُ طَعْماً، أو لا يجد، فإنه لا منفذ من العَيْنِ إلى الحَلْق، وما يَصِل إليه يَصِلُ مِنَ المَسَامِ.

وعن مالك وأحمد أنه إذا وجد في الحَلْقِ طَعْماً مِنْهُ أَفْطَرَ.

الرَّابِعَةُ: في بُطْلاَنِ الصَّوْمِ بالتَّقْطِيرِ فِي الأُذُنِ، بحيث يَصِل إلى البَاطِن فيه وجهان: أحَدهما: وبه قَالَ الشَّيْخَ أبُو مُحَمَّدٍ: أنه يَبْطُلُ كَالسّعُوطِ.

والثاني: لاَ يَبْطُل؛ لأنه لا منفذ من الأُذُنِ إِلَى الدِّمَاغ، وما يصلُ يصل من المَسَام فأشبه الإكْتِحَال، ويروي هذا الوجه عن الشَّيْخِ أَبِي عَلِيّ، والفَورَانِيّ والقاضي الْحُسَيْنِ، وهو الذَي أورده صاحب الكتاب، لكن الأول أظهر عند أكثر الأصْحَاب، ولهم أن يقولوا: هَبْ أَنَّ الأذُنَ لاَ مَنْفَذَ مِنْهَا إِلَى دَاخِلِ الدِّمَاغ، لكنه نافذ إلى دَاخِلِ قحف الرَّأسِ لا مَحَالَة، والوصول إليه كَافٍ فِي البُطْلاَن، وبَنَى الإمَام هذا الخِلاَف على الوَجْهَيْنِ السَّابقين فيما يعتبر في البَاطِن الذي يصل إليه الشيءَ فإن دَاخِل الأُذُنِ جَوْفٌ لكن ليس فيه قوة الإحالة، وعلى الوجهين تتفرع الصُّورة الخَامِسَة، وهي ما إذا قطر في إحليلة شيئاً، ولم يَصِلْ إلى المثانة، ففي وَجْهٍ يبطل صَوْمُه، وهو الأظْهَرُ، كما لَوْ وَصَلَ إِلَى حَلْقِهِ، ولم يَصِل إلى المعدة.

وفي وجه، لا يَبْطُل كَمَا لو وضع فِي فمه شَيْئاً، وبهذا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وهو اختيارُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015