يعرفون في أثناء اليوم أنه يوم العيد فهو شبيه بما إذا شَهِد الشهود على رؤية الهلال يوَمَ الثَّلاثين، وقد سَبَقَ بَيَانُهُ في "صلاة العيد" وإن اتفق هذا السفر لعدلين وقد رَاييَا الهلالَ بِنَفْسَيْهِمَا وَشَهِدَا في البلدة للمنتقل إليها فهذا عين الشَّهادة برؤية الهلال في يوم الثَّلاثين في التصوير الأول. وأما في التصوير الثاني، فإن عَمَّمْنَا الحكم جميع البلاد لم يبعد أن يكون الإصغاء إلى كلامهما على ذلك التفصيل أيضاً، فإن قبلوا قضوا يوماً، وإن لم نعمم الحكم لم يلتفت إلى قولهما. ولو كان الأمر بالعكس فأصبح الرجل صائماً وسارت به السَّفينة إلى حيث عبدوا فإن عممنا الحكم أو قلنا: له حكم البلدة المنتقل إليها أفطرا وإلا لم يفطر، وقضى يوماً إذ لم يصم إلا ثمانيةً وعشرين يوماً.

المسألة الثانية: إذا رُئي الهلالُ بالنَّهار يوم الثلاثين فهو لليلة المستقبلة، سواء رُئي قبل الزوال أو بعده (?)، فإن كان هلال رمضان لم يلزمهم إمْسَاك ذلك اليوم.

وإن كان هلال شَوّال، وهو المذكور في الكتاب لم يكن لهم الإفطار حتى تَغْرُبَ الشمس. وعند أبي يوسف: إن رُئي قبل الزوال فهو لليلة المَاضِية.

وبه قال أحمد فيما إذا كان المَرْئِي هِلاَلَ رَمَضَان، وإن كان المَرّئِيُّ هِلال شوال فعنه روايتان. لنا: ما روي عن [شقيق] بن سلمة -رضي الله عنه- قال: "جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ بْن الخَطَّابِ -رَضِيَ الله عَنْهُ- وَنَحْنُ بِخَانِقِينَ أَنْ الأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ، فَإذَا رَأَيْتُمُ الْهِلاَلَ نَهَاراً فَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تُمْسُوا" (?). وفي رواية: "فَإِذَا رَأَيْتُم الْهِلاَلَ مِنْ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالأَمْسِ" (?).

إذا عرفت ذلك لم يخف عليك أن قوله: (قبل الزوال) ليس لتخصيص الحكم به، لكنه موضع الشَّبهة والخلاف، فلذلك خَصه بالذَّكْرِ فأما بَعْدَ الزَّوَال، فهو متفق عليه، وقد أعلم في النُّسخ قوله: (لم يجز الإفطار) بالحاء؛ لأن الإمام والمصنف في "الوسيط" نسبا قول أبي يوسف إلى أبي حنيفة -رحمهم الله- وهو غير ثابت، نعم يجوز إعلامه بالألف لأحدى الروايتين عن أحمد -والله أعلم-.

قال الغزالي: القَوْلُ في رُكْنِ الصَّوْمِ وَهُوَ النِّيَّةُ والإمْسَاكُ، أَمَّا النِّيَّةُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ لِكُلِّ يَوْمٍ (م) نِيَّةً مُعَيَّنَةَ (ح و) مُبَيَّتةٌ (ح) جَازِمَةً، وَالتَّعْيينُ أَنْ يَنْوِيَ أَدَاءَ فَرْضِ رَمَضَانَ غداً، وقِيلَ: لاَ يتعَرَّضُ لِلْفَرِيضَةِ، وَقِيلَ: يتعَرَّضُ لِرَمَضَانِ هذِهِ السَّنَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015