ولك أن تعلم لما ذكرنا قوله: (منوط بجوهرهما) بالألف والميم، وقوله: (منوط بالاستغناء عن الانتفاع بهما) بالحاء، والقولان في الحلي المباح. أما المحظور فتجب فيه الزَّكاة بالإجماع، وهو على نوعين: محظور لعينه، كالأواني والقصاع، والملاعق، والمجامر الذَّهبية، والفِضِّية. ومحظور باعتبار القصد، كما لو قصد الرجل بحلى النساء الذي اتخذه أو ورثه، أو اشتراه كالسوار والخلخال أن يلبسه، أو يلبسه غلمانه، أو قصدت امرأة بِحُلِيِّ الرِّجَالِ كالسيف، والمنطقة أن تلبسه أو تلبسه جواريها، أو غيرهن من النساء (?)، وكذا لو أَعَدَّ الرجل حُلِيَّ الرِّجَالِ لِنِسَائِهِ وجَوَاريه، أو أعدَّت المرأة حلى النساء لِزَوْجهَا وِغِلْمَانِهَا، فكل ذلك مَحْظُورٌ، وعلَّلَ في الكتاب وجوب الزَّكاة في الْحُلِيّ المحظور، بأن المحظور شرعاً كالمعدوم حِسًّا، ولم يرد به إلحاق المحظور بالمعدوم على الإطلاق، لكن المراد أن الحكم المخصوص بضرب من التخفيف، وإطلاق التَّصَرُّف إذا شرطت فيه منفعة، فيشترط كونها مباحة، وإلا فهي كالمعدومة، وهذا كما أنه يشترط في البيع كَوْنُ المَبِيعِ منتفعاً به، فلو كانت فيه منفعة محظورة كما في آلات الملاهي، كان كما لو لم يكن فيه منفعة، ثم التعليل المذكور في المحظور لعينه أظهر منه في المحظور، باعتبار القصد؛ لأن الصَّنْعَةَ في المحظور لعينة لا حرمة لها إذا منعنا اتخاذه فأمَّا المحظور باعتبار القصد لتحريم فيه يرجع إلى الفعل والاستعمال لا إلى نفس الحُلِيّ، والصَّنْعَةُ محترمة غير مكسرة، وإن فسد القصد فَهَلاَّ كان ذلك بمثابة ما لو قصد بالعروض التي عنده استعمالها في وجوه محترمة لا تجب الزَّكَاةُ.

قال الإمام- قدَّسَ الله رُوحَه- في دفع هذا الإشكال الزكاة: تجب في عين النقد، وعينه لا تنقلب باتخاذ الحلي منه، فلا يلتحق بالعروض إلا بقصدٍ ينضم إليه، وهذا كما أن العروض لما لم تكن مال الزكاة في أعيانها، لا تصير مال الزكاة إلا بقصد ينضم إلى الشراء وهو قصد التِّجارة، وإذا لم تسقط الزكاة بمحض الصنعة واحتيج إلى قصد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015