والثاني: يكره، لأن المتيقن والمتردِّد يستويان في أصل استحباب الغسل، فكذلك في استحباب تقديم الغسل على الغَمْس (?). وليكن قوله: "وأن يغسل يديه" مُعْلماً بالألف والواو أيضاً، أما "الألف" فلأن عند أحمد إن قام من نَوْمِ الليل يجب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، وإن قام من نوم النهار لا يجب. وأما "الواو" فلأن بعضهم لا يعده من سنن الوضوء على ما سبق. وأما قوله: "ثلاثاً"، فليس ذلك من خاصية هذه السنة، بل التَّثْلِيثُ مُسْتَحَبٌّ في جميع أفعال الوضوء، كما سيأتي.
قال الغزالي: وَأَنْ يَتَمَضْمَضَ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ فَيَأخُذَ غرْفَةً لِفيهِ وَغرْفَةً لأَنْفِهِ عَلى أَحَدِ القَوْلَيْنِ، وَفي الثَّانِى يَأَخُذُ غرْفَةَ لَهِمَا ثُمَّ يَخْلِطُ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَينِ إِذَا كَانَتِ الغرْفَةَ وَاحِدَةً وَيُقَدِّمِ المَضْمَضَةَ فِي الوَجْهِ الثَّاني وَأَنْ يُبَالِغَ فِيهِمَا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ صَائِماً فَيَرْفُقُ.
قال الرافعي: "كَانَ رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ فِي وُضُوئِهِ" (?) فهما مستحبان فيه، خلافاً لأحمد حيث قال بوجوبهما. لنا: ما روى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "عَشْرٌ مِنَ السُّنَّةِ" (?). وَعَدَّ مِنْهَا المَضْمَضَةَ، وَالاسْتِنْشَاقَ ثم أصل الاستحباب يتأدَّى بإيصال الماء إلى الفم والأنف، سواء كان بغرفة واحدة، أو أكثر، لكن اختلفوا في الكيفية التي هي أفضل على طريقين:
أصحهما: أن فيه قولين.
أصحهما: أن الفصل بين المضمضة والاستنشاق أفضل لما روى عن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده قال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَفْصِلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ" (?). ويقال: إن عثمان وعلياً -رضي الله عنهما- كذلك روياه (?)؛ ولأنه أقرب إلى النظافة.
والثاني: أن الجمع بينهما أفضل؛ لما روى عن علي -رضي الله عنه- في وصف