فتستثنى عن البياعات الصريحة، ويحكي هذا الوجه عن أبي إسحاق وابْنِ أَبِي هريرة.

وأصحهما: عند القاضي أبي الطَّيِّب وابن الصَّبَّاغ والأكثرين: أنها غير جائزة؛ لأنا نفرع على أن القِسْمة بيع وبيع الرطب بالرطب لا يجوز، وعلى هذا فالمفروض طريقان:

أحدهما: أخذ قيمة العشر من الثَّمَار المقطوعة، وهي إنْ كَانَتْ بدلاً لكن جوز بعضهم أخذها للحاجة على ما سبق نظيره فيما إذا وجب شقص من حيوان.

والثاني: أين يسلم عشرها مشاعاً إلى السَّاعي لتعيين حق المساكين فيه، وطريق تسليم المشاع تسليم الكل، فإذا جرى ذلك فللساعي أن يبيع نصيب المساكين من رَبِّ المال أو غيره أو يبيع مع رب المال الجميع ويقتسما الثّمن، ولا خلاف في أن هذا الطَّرِيق جائز وهو متعين عند من لم يجوز القِسْمة وأخذ القيمة، وخيَّر بعض الأَصْحَاب السَّاعي بين القِسْمة وأخذ القيمة، وقال: كل منهما على خلاف القاعدة الممهّدة، ولا بد من مخالفتها في أحدهما بسبب الحاجة، فيفعل ما فيه الحظ للمساكين، هذا بيان الخلاف في المسألة، وقد اختلفوا بحسبه في تفسير نصه في "المختصر"، ويؤخذ منه ثمن عشرها أو عشرها مقطوعة، فمن جَوَّز القسمة وأخذ القيمة جَمِيعاً حمل اللَّفظ على ظاهر التّخيير، وقال: أراد بالثمن القيمة ومن لم يجوزهما قال: هذا تعليق قول بناء على أن القسمة إفراز أو بيع، فإن قلنا بالأول أخذ عشرها وإن قلنا بالثَّاني بيع الكُل على ما قَدَّمنا واقتسما الثّمن أو باع نَصِيبَ المَسَاكِين من رَبِّ المَال بعد القَبْض وأخذ الثمن.

وقوله في الكتاب: "أو ثمنه إذا منعناه القسمة" أي إذا جعلناها بيعاً فإنها حينئذ تمتنع في الرّطب وهو جواب على جواز أخذ القيمة، فيجوز أن يُعَلَّم بالواو للوجه الذَّاهِب إلى امتناعه، وإيراد "التهذيب" يقتضي ترجيح ذلك الوجه، وكان يجوز تأويل قوله: "أو ثمنه" على تقدير البيع كما ذكروا في نَصّ الشَّافعي -رضي الله عنه- إلاَّ أنه صرح بما ذكرنا في "الوسيط". واعلم: أن ما ذكرناه من الخلاف والتَّقْسيم في إخراج الواجب يجري بعينه في إخراج الواجب، وعن الرطب الذي لا يتتمر والعنب الذي لا يَتَزَبَّب، وفي المسألتين مستدرك حسن لإمام الحرمين -رحمه الله- قال: إنما يثور الإشكال على قولنا: إن المسكين شريك في النصاب بقدر الزكاة، وحينئذ ينتظم التَّخْريج على القَوْلَين في القسم، فأما إذا لم نجعله شَرِيكاً، فليس تسليم جزء إلى الساعي قسمة حتى يأتي فيه قولاً القسمة بل هو تَوْفِيَةُ حق على مستحق (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015