تخفيفاً، وعلى هذا لو استويا ففيه وجهان حكاهما الإمام:

أحدهما: أنه يجب العشر نظراً لِلْمَسَاكين، وهذا هو الَّذِي حكاه المَسْعُودي تفريعاً على القول الثَّاني.

وأصحهما: وهو الَّذِي أورده في الكتاب أنا نقسط الواجب عليهما كما ذكرنا على القول الأول لانتفاء الغَلَبة من الجانبين، وعلى هذا فالحكم حالة الاستواء واحد على القولين فينتظم أن يقال: إن استويا وجب ثلاثة أرباع العشر فإن كان أحدهما أغلب فقولان. وهكذا أورد صاحب الكتاب والأكثرون ثم سواء قلنا بالتقسيط أو اعتبرنا الأغلب فالنظر إلى ماذا في معرفة المقادير؟ فيه وجهان:

أحدهما: أنَّ النظر إلى عدد السَّقَيات؛ لأن المُؤْنة بحسبها تقلّ وتكثر ولا شك أن الاعتبار بالسّقَيَات المفيدة دون ما لا تفيد أو تضر.

وأوفقهما لظاهر نصه: أن الاعتبار بعيش الزَّرع ونمائه أو بأحدهما أكثر أو لا وكذا عيش التَّمْر فإنه المقصود.

وقال في "النهاية": وعبر بعضهم عن هذا بعبارة أخرى فقال: النظر إلى النَّفع وقد تكون السّقية الواحدة أنفع من سقيات كثيرة، قال: وهما متقاربان، إلاَّ أن صاحب العبارة الثانية لا ينظر إلي المدة وإنما ينظر إلى النفع الذي يحكم به أهل الخبرة، وصاحب العبارة الأولى يعتبر المدة.

واعلم أن اعتبار المدة هو الذي ذكره الأكثرون على الوجه الثاني، وذكروا في المثال أنه لو كانت المدة من يوم الزرع إلى يوم الإدراك ثمانية أشهر، واحتاج في ستَّة أشهر زَمَاني الشّتاء والربيع إلى سَقْيَتَيْن، فسقى بماء السماء وفي شهرين، وهو زمان الصيف إلى ثلاث سقيات فسقى بالنضح، فإن اعتبرنا عدد السقيات فعلى قول التوزيع يجب خمسا العشر وثلاثة أخماس نصف العشر، وذلك ثلاثة أخماس العشر ونصف خمسه، وعلى قول اعتبار الأغلب يجب نصف العشر؛ لأن عدد السقيات بالنضح أكثر، وإن اعتبرنا المدّة فعلى قول التّوزيع يجب ثلاثة أرباع العشر وربع نصف العشر، وعلى قول اعتبار الأغلب يجب العشر؛ لأن مدة السَّقي بماء السماء أطول، ولو سقى الزرع بماء السماء والنضح جميعاً لكن أشكل مقدار كل واحد منهما فعن ابْنِ سُرَيج وتابعه الجمهور: أنه يجب ثلاثة أرباع العشر أخذاً بالاستواء؛ وذكر القاضي ابن كج وجهاً آخر: أن الواجب نصف العشر؛ لأنه اليقين، والأصل براءة ذمته عن الزيادة.

وإذا عرفت ما ذكرناه يتبيَّن لك أو الوجهين في قوله: "والأغلب يعرف بزيادة العدد .... " إلى آخره لا يختصان بالأغلب، بل يجريان فيما يعتبر به الاستواء أيضاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015