قال الرافعي: قال الله تعَالَى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} (?) أي: ادع لهم، فيستحب لِلسَّاعي أَنْ يدعو لِرَبِّ المَالِ (?) تَرْغِيبًا له في الخير وتطييباً لقلبه، ولا يتعين شيء من الأدعية واستحب الشافعي -رضي الله عنه- أن يقول: أجرك الله فيما أعطيت وجعله لك طهوراً وبارك لك فيما أبقيت، وهو لائق بالحال، وحكى الحَنَّاطي وجهاً: أنه يجب عليه الدعاء وله متمسك من لفظ الشافعي -رضي الله عنه- فإنه قال: فحق على الوالي أن يدعو له، وكما يستحب للساعي يستحب للمساكين أيضاً؛ إذا فرق رب المال عليهم، وقد روي عن عبد الله بن أَبِي أَوْفَى -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلانٍ"، فأتاه أبي بصدقته فقال: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى" (?).
قال الأئمة: هذا وإن ذكره النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لا يقوله غيره؛ لأن الصلاة قد صارت مخصوصة في لسان السَّلَف بالأَنْبِيَاء- عليهم الصَّلاَة والسَّلام- كما أن قولنا: عزَّ وجَلَّ صار مخصوصاً بالله تعالى جده، وكما لا يقال: محمد عز وجل، وإن كان عزيزاً جليلاً، لا يقال: أبو بكر وعليِّ صلوات الله عليهما، وإن صح المعنى، وهل يكره ذلك أم هو مجرد ترك أدب؟
أطلق القاضي حسين لفظ الكراهة، وكذا فعل المصنِّف في "الوسيط"، ووجهه إمام الحرمين بأن قال: المكروه يَتَمَيَّزُ عَنْ ترك الأولى بأن يفرض فيه نهي مقصود، فقد ثبت نهي مقصود عن التَّشبيه بأهل البدع وإظهار شعارهم، والصلاة على غير الأنبياء مما اشتهر بالفئة الملقّبة بالرفض، وظاهر كلام الصَّيْدَلاني أنه في حكم ترك الأدب والأولى، وبه يشعر قوله في الكتاب: فلا يحسن أن يقال: أبو بكر صلوات الله عليه، وصرح بنفي