قال الغزالي: الفَرْضُ الرَّابعُ: مَسْحُ الرَّأَسِ وَأَقَلُّهُ مَا يُسَمَّى (ح) مَسْحاً (م ز) وَلَوْ عَلَى شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ (و) بِشَرْطِ أَنْ لا يَخْرُجَ مَحَلُّ المَسْحِ عَنْ حَدِّ الرأس، وَلاَ يُسْتَحَبُّ الغَسْلُ، وَلاَ يُكرَهُ عَلَى الأَظْهَرِ وَفِي الإِبْلاَلِ دُونَ المُدِّ وَجْهَانِ.
قال الرافعي: قال الله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤوسِكُم} (?)، وليس من الواجب استيعاب الرأس بالمسح، بل الواجب ما ينطلق عليه الاسم، لأن من أمرَّ يده على هَامَةِ اليتيم صَحَّ أن يقال: مسح رأسه، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- "مَسَحَ فِي وُضُوئِهِ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ" (?)، ولم يستوعب. وقال مالك: يجب الاستيعاب، وهو اختيار المُزَنِيُّ وإحدى الروايتين عن أحمد والثانية: إنه يجب مسح أكثر الرأس.
وقال أبو حنيفة: يتقدر بالربع، ثم إن كان يمسح على بَشْرَةِ الرأس فذاك، ولا يضر كونها تحت الشعر.
وقال الروياني: في التجربة لا يجوز لانتقال الفرض إلى الشعر، وإن كان يمسح على الشَّعْرِ، فكذلك يجوز، وإن اقتصر على مسح شعرة واحدة أو بعضها، ولا تقدير.
وعن ابن القاص: إنه لا أقل من ثلاث شعرات كما يعتبر إزالتها في التحلُّلِ عن النسك، وفي إيجاب الدَّم على المحرِم، وهل يختص هذا الوجه بما إذا كان يمسح على الشعر أم يجري في مسح البشرة؟ ويشترط المسح على موضع ثلاث شعرات، في كلام النقلة ما يشعر بالاحتمالين جميعاً، والأول أظهر، ثم شرط الشعر الممسوح أن لا يخرج عن حَدِّ الرأس، فلو كان مسترسلاً خارجاً عن حده وكان جعداً كائناً في حَدِّ الرأس لكنه بحيث لو مدّ لخرج عن حده لم يَجُزِ المسح عليه؛ لأن الماسح عليه غير ماسح على الرأس، واعلم أن كل شعر مد في جهة النبات يكون خارجاً عن حد الرأس، وإن كان في غاية القِصَرِ، وكان المراد المد في جهة الرقبة والمَنْكِبَيْنِ وهي جهة النزول، ثم بعد حصول هذا الشرط هل يشترط أن لا يجاوز منبته؟ فيه وجهان:
أحدهما: يشترط ذلك فلا يجوز المَسْحُ على ما جاور منبته وإن كان في حَدِّ الرأس فإنه كالغِطَاءِ لما تحته كالعِمَامة.