وقوله: "زكاة ربع المائة" وكذا "زكاة نصفها وزكاة ثلاثة أرباعها" يجوز أن يعلّم بالميم؛ لأن الشيخ أبا محمد حكى فيما علّق عنه عن مالك أنه يجب في كل سنة زكاة جميع المال كالقول الثَّاني.
وقوله: "في القول الثَّاني تجب في كل سنة" معلّم بالحاء؛ لأن مذهب أبي حنيفة -رحمه الله- كالقول الأول، وعبارة الكتاب في القولين جميعاً محمولة على ما إذا أخرج الواجب من غير المائة، وهي الحالة الَّتِي ينزل عليها كلام الشَّافعي -رضي الله عنه- في "المختصر"، فإن كان يخرج من عينها فقد ذكرنا حكمه. ثم نختم الفصل بفرعين:
أحدهما: باع شيئاً بنصاب من النَّقْد مثلاً وقبضه ولم يقبض المشتري المبيع حتى حال الحول، هل يجب على البائع إخراج الزكاة؟ يخرج على القولين لأن الثمن قبل قبض المبيع غير مستقر، وخرجوا على القولين أيضاً ما إذا أسلم نصاباً في ثمره أو غيرها، وحال الحول قبل قبض المسلم فيه، وقلنا: إن تعذر المسلم فيه يوجب انفساخ العقد، وإن قلنا: إنه يوجب الخيار فعليه إخراج الزكاة.
الثاني: أوصى لإنسان بنصاب ومات الموصي، ومضى حول من يوم موته قبل القبول، إن قلنا: الملك في الوصيّة يحصل بالموت فعلى الموصى له الزكاة، وإن كان يرتد برده وإن قلنا: يحصل بالقبول فلا زكاة عليه، ثم إن أبقيناه على ملك الميت فلا زكاة على أحد. وإن قلنا: إنه للوارث فهل عليه الزكاة؟ فيه وجهان:
أصحهما: لا، وإن قلنا: إنه موقوف فإذا قبل بَانَ أنه ملكه بالموت فهل عليه الزَّكَاة؟ روي في "التَّهْذِيب" فيه وجهين:
أصحهما: لا؛ لأن ملكه لم يكن مستقرّاً عليه.
قال الغزالي: الرُّكْنُ الثَّالِثُ: فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ كُلُّ حُرٍّ مُسْلِم فَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ (ح) والمَجْنُونِ (ح)، وَفِي مَالِ الجَنِينِ تَرَدُّدٌ، وَتَجِبُ عَلَى المُرْتَدِّ (م ح) إِنْ قُلْنَا بِبَقَاءِ مِلْكِهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِالإِسْلاَمِ، وَلاَ زَكَاةَ عَلَى مُكَاتِبٍ وَرَقِيقٍ وَلاَ عَلَى سَيِّدِهِمَا شَيئًا فِي مَالِهِمَا، وَمَن مَلَكَ بِنِصْفِهِ الحُرِّ شَيْئاً لَزِمَهُ (م ح) الزَّكَاةُ.
قال الرافعي: فقه الفصل صور:
إحداها: تجب الزكاة في مال الصَّبِيّ والمجنون، وبه قال مالك وأحمد خلافاً لأبي حنيفة -رحمهم الله- وسلَّم وجوب العشر وصدقة الفطر.
لنا: ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ وَلِيَ يَتِيماً فَليَتَّجِرْ لَهُ وَلاَ يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ