قلنا: إنها غير ملتزمة احتجنا إلى إضمار في لفظ الكتاب هاهنا.
الرابعة: لو وجب عليه الحج وتم الحول على نصاب في ملكه، يكون وجوب الحج دَيْناً مَانعاً من الزكاة؟ إن قلنا: الدَّين لا يمنع الزكاة فلا أثر له وإن قلنا: يمنع فقد ذكر الإمام وتتابعه المصنف أن فيه وجهين كالوجهين في دَيْنِ النَّذْر في الصُّورة الَّتي قبل هذه؛ لأن دين الحج وإن وجب من غير اختيار لكن المال غير مقصود فيه، ودين النذر وإن كانت المالية مقصود فيه لكن النَّاذر التزمه متبرعاً فيعتدلان، وأيضاً فدين الحج لا مطالب به في الحال كدين النّذر.
قال الغزالي: وَإذَا اجْتَمَعَ الزَّكَاةُ وَالدَّيْنُ فِي تَرِكَةٍ فَفِي التَّقْدِيمِ ثَلاَثةُ أَقْوَالٍ: وَفِي الثَّالِثِ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا، وَوَجْهُ تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ تَعَلُّقُهَا بِالعَيْنِ.
قال الرافعي: إذا قلنا ة الدَّيْنُ لا يمنع الزكاة فمات قبل الأداء، واجتمع الدَّيْن والزكاة في تَرِكَتِهِ ففيه ثلاثة أقوال:
أظهرها: أن الزكاة تقدم لظاهر قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ" (?).
ولأن الزكاة متعلّقة بالعَيْن والدَّيْنُ مُسْتَرْسل في الذِّمة، ولهذا تقدم الزكاة في حال الحياة ثم يصرف الباقي إلى الغرماء.
والثاني: يقدّم دَيْنُ الآدمي لافْتِقَار دين الآدمي واحتياجه، ولهذا إذا اجتمع القِصاص وحَدّ السرقة يقدم القِصَاص.
والثالث: أنهما يستويان فيوزع المال عليهما؛ لأن الحقّ المالي المضاف إلى الله -تعالى- تعود فائدته إلى الآدميين أيضاً وهم المنتفعون بها، وعلى هذه الاقول تجري مسائل نذكرها في موضعها -إن شاء الله تعالى جده-.
ولك أن تعلّم قوله: "ثلاثة أقول" بالواو لأن عن بعض الأصحاب طريقة أخرى قاطعة بتقديم الزَّكَاة المتعلّقة بالعَيْن والأقوال، في اجتماع الكفارات وغيرها مما يسترسل في الذمة مع حقوق الآدميين، وقد تعرَّض الزَّكاة من هذا القبيل بأن يتلف ماله بعد الوجوب والإمكان ثم يموت وله مال فإن الزَّكَاة هاهنا متعلّقة بالذّمة، لا تعلق لها بعين ماله -والله أعلم-.
قال الغزالي: السَّبَبُ الثَّالِثُ: عَدَمُ قَرَارِ المِلْكِ، فَفِي الزَّكَاةِ فِي الغَنِيمَةِ قَبْلَ القِسْمَةِ ثَلاثةُ أَوْجُهٍ: وَجهُ الإِسْقَاطِ: ضَعْفُ المِلْك، فَإنَّهُ يَسْقُطُ بِالإِسْقَاطِ، وَفِي الثَّالِثِ إِنْ كَانَ