وإن قلنا بالمعنى الأول لم يجد؛ لأن ضعف الملك [لا] (?) يختلف.
والثانية: لو كان الدّين حيواناً كما إذا ملك أربعين من سائمة الغَنَم، وعليه أربعون من الغنم ديناً عن سلم، فإن قلنا بالمعنى الأول لم تجب الزَّكاة، وإن قلنا بالثاني تجب، إذ لا تَثْنية، فإنه لا زكاة في الحَيَوَان في الذِّمَّة كما مرَّ في الفصل قبل هذا، وعلى هذا يخرج أيضاً ما لو أنْبَتَت أرضه نصاباً من الحِنْطَة، وعليه مثله عن سلم.
الثالثة: لو ملك نصاباً، والدَّين الذي عليه ناقص عن النّصاب كما لو ملك مائتي درهم وعليه مائة دينار، إن قلنا بالمعنى الأول فلا زكاة لتطرّق النّقصان إلى بعض المال، ونقصان النّصاب بسببه.
وإن قلنا بالمعنى الثّاني تجب، لأنه لا زكاة على المستحق باعتبار هذا المال كذا أطلقوه، والمراد ما إذا لم يملك سواه من دين أو عين، وإلاّ فلو ملك ما يتم به النصاب فعليه زكاه باعتبار هذا المال، ولو ملك بقدر الدَّين مالاً زكاة فيه من العقار وغيره وجبت الزكاة في النصاب الزكويّ على هذا القول أيضاً خلافاً لأبي حنيفة -رحمه الله- وحكى الشيخ أبو حامد وجهاً مثل مذهبه مبنيّاً على لزوم التَّثنية ووجه الوجوب مراعاة الحظ والنفع للمساكين، ولو زاد ماله الزَّكوي على الدين نظر: إن كان الفاضل نصاباً وجبت الزكاة فيه، وفي قدر الدين القولان، وإن كان دون النصاب يجب على هذا القول لا في القدر المقابل للدين ولا في الفاضل.
فرع منقول عن "الأم" ملك أربعين من الغنم فأستأجر راعياً يرعاها بِشَاةٍ، وحال الحول عليها نظر: إن استأجر بشاة معينة من الأربعين فكانت مختلطة بباقي الشِّياه، فعليها شاة على الراعي جزء من أربعين منها والباقي على المستأجر، وإن كانت منفردة، فلا زكاة على واحد منهما، وإن استأجره بشاة موصوفة في الذمة، فإن كان للمستأجر مال آخر يفي بها وجبت الزكاة في الأربعين، وإلاّ فعلى القولين في أن الدين هل يمنع الزكاة؟. وأما ما يتعلق بلفظ الكتاب من الفوائد:
فقوله: "وإذا استقرض المُفْلس مائتي درهم"، أشار بلفظ المُفْلس إلى أنه لا يملك شيئاً سوى ما استقرضه، ففي هذه الصورة يظهر القولان وفي معناها ما إذا كان الدَّين ينقص النّصاب وإن لم يستغرقه، فأما إذا ملك ما يفي به ممَّا لا زكاة فيه مع النّصاب أو ملك فوق قدر الدَّين فقد ذكرناه ثم إن أجدت النظر في لفظ الكتاب بحثت عن شيئين:
أحدهما: أنه صور في الاسْتِقْرَاض ولا مدخل للأجل فيه، فهل له أثر أم لا فرق بين الدَّين والحال والمؤجل؟