والثالث: حكى القاضي ابن كَجٍّ عن ابْن خَيْرَان أن المسألة على حالين حيث قال: يزكيها لأحوالها أراد إذا عادت إليه بنمائها، وحيث قال: لا تجب أراد إذا عادت إليه من غير نمائها (?). فإذا قلنا بالطريقة الأولى، فهل القولان مطلقان أم لا؟ فيه طريقان:
أحدهما وبه قال ابْنُ سُرَيج وأبو إسحاق: لا بل موضع القولين ما إذا عادت إليه من غير نَمَائها، فإن عادت إليه بنمائها وجبت الزَّكاة قطعاً؛ لأن المؤثر على قول: إنما هو فوات النَّماء عليه، وذكر إمام الحرمين شيئين على هذه الطَّرِيقة ينبغي أن يحاط بهما:
أحدهما: أنه إن عاد المال إليه مع بعض الفوائد دون بعض كان كما لو لم يعد شيء من الفوائد إليه.
والثَّاني: أن المعنى بفوات الفوائد أن يهلكها الغاصب أو تضيع لزوال نظر المالك ويتعذر تغريم الغاصب.
فأمّا إذا فات شيء في يد الغاصب كان يفوت في يد المالك أيضاً فلا مبالاة ولو غرم الغاصب كان كما لو عادت الفوائد بأعيانها، ويتخرَّج على هذه الطَّريقة قول من قال: إن كان المال المغصوب الدَّرَاهم والدَّنانير ففي وجوب الزكاة قولان، وإن كان المواشي فتجب الزّكاة بلا خلاف؛ لأن الدراهم لا تعود بربحها، فإن ما حصل من الربح يكون للغاصب، والمواشي تعود بفوائدها إمّا بعينها أو بقيمتها حتى لو غصبها أهل الحرب وأتلفوا الدر والنسل جرى فيها القولان، هذا أحد الطريقين.
وأصحهما وبه قال أبو علي بن أبي هريرة والطبري: طرد القولِين في الحالتين؛ لأن المؤثر على أحد القولين ذوات اليد والتصرف دون فوات النماء، أَلاَ ترى أن الذكور التي لا تنمو تجب فيها الزكاة، وجميع ما ذكرناه فيما إذا عاد المال إليه، ولا شك في أنه لا يجب إخراج الزكاة قبل عود المال إلى يده. ولو تلف بعد مضي أحوال في الحَيْلُولَة سقطت الزكاة على قول الوجوب، لأنه لا يتمكَّن من المال وتلف المال بعد الوجوب وقبل التَّمكُّن يسقط الزكاة. ثم اعرف في المسألة أمرين آخرين:
أحدهما: أن موضع الخلاف في الماشية المَغْصُوبة ما إذا كانت سائمة في يد