وأصحهما: يجب، لأنه من الوجه بحكم التَّبَعِيَّةِ لما سبق من الخَبَرِ؛ ولأن الوجه ما تقع به المُخَاطَبَةُ والمواجهة، ولأن متدلٍّ من محل الفرض فأشبه الجِلْدَةَ المتدلية، وهذا الخلاف يجري أيضاً في الخارج عن حد الوجه من الشعور الخفيفة كالعِذَارِ والسِّبَالِ إذا طال ولا فرق، وذكر بعضهم في السِّبَالِ: أنه يجب غسله قولاً واحداً والظاهر الأول فإن قلت: قد عرفت المسألة فلماذا اشتهرت بالإفاضة؟ فالناقلون يقولون: تجب الإفَاضَةُ في قول ولا تجب في قول، وكذلك ذكر المصنف ولم يتكلموا في الغسل، فاعلم أن لفظ الإفاضة في اصْطِلاحِ الأئمة المتقدمين إذا استعمل في الشعر لإمرار الماء على الظاهر، ولفظ الغسل للإمرار على الظاهر مع الإِدْخَالِ في الباطن، ولذلك اعترضوا على أبي عبد الله الزبيري (?) -رضي الله عنه- لما قال في هذه المسألة: يجب الغسل في قولِ، والإفاضة في قولٍ، وقالوا: الغسل غير واجب قولاً واحداً وإنما الخلاف في الإفاضة، وإذا تبين ذلك فقصدهم بهذه اللَّفظة بيان أن داخل المسترسل لا يجب غسله قولاً واحداً كالشعور النَّابِتَةِ تحت الذَّقْنِ، لكن المصنف تعرض لظاهر اللحية في لفظه، والإفاضة على هذا الاصطلاح مغنية عن التقييد بالظاهر، ثم مع هذا كله فقد حُكِيَ وَجْهٌ: إنه يجب غسل الوجه الباطن من الطَّبَقَةِ العُلْيَا من المسترسل، إذا أوجبنا غسل الوجه البَادِي منه وهو بعيد عند علماء المذهب (?).
قال الغزالي: الفَرْضُ الثَّالِثُ: غَسْلُ اليَدَيْنِ مَعَ المِرْفَقَينِ فَلَوْ قُطِعَ يَدُهُ مِنَ السَّاعِدِ غُسِلَ البَاقي، وَإِنْ قُطِعَ مِنَ العَضُدِ اسْتُحِبَّ غَسْلُ البَاقي لِتَطْوِيلِ الغُرَّةِ، وَاِنْ كَانَ مِنَ المَفْصِلِ يَجِبُ غَسْلُ رَأْسِ العَظْمِ البَاقِي عَلَى أَصَحِّ القَوْلَيْنِ لأَنَّهُ مِنَ المِرْفَقِ، وَلَوْ نَبَتَتْ يَدٌ زَائِدَةٌ مِنْ سَاعِدِهِ وَجَبَ غَسْلُهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزِ الزَّائِدُ عَنِ الأَصْلِيِّ وَجَبَ غَسْلُهُمَا، وَإِنْ خَرَجَتْ مِنَ العَضُدِ لاَ تُغْسَلُ إلاَّ إذَا حَاذَتْ مَحَلَّ الفَرْضِ فَيُغْسَلُ القَدْرُ المحَاذِي هَذَا نَصُّهُ.