أحدهما: أنه يعتبر الاشْتِراك فيه أيضاً على معنى، أنه لا يَجُوز أن ينفرد أحدهما بحالب يمنع عن حلب ماشيته لآخر، وهذا ما ذكره الصَّيْدَلاَنِي.
وأظهرهما: وبه قال أبو إسحاق: لا يعتبر ذلك كما في الجاز وفي الاشتراك في المحْلَب وجهان أيضاً:
أظهرهما: لا يعتبر الاشتراك فيه كما لا يعتبر الاشتراك في آلات الجَزِّ فإن كل واحد منهما نوع انتفاع.
والثاني: يعتبر وبه قال أبو إسحاق هاهنا، ومعناه أنه لا يجوز أن ينفرد أحدهما بمحْلَب أو محالب ممنوعة عن الثَّاني، وعلى هذا فهل يشترط خلط اللبن أو يجوز أن يحلب أحدهما في الإناء، ويفرغه ثم يحلب الآخر؟ فيه وجهان:
أظهرهما: أنه لا يشترط ذلك، فإن لبن أحدهما قد يكون أكثر، فإذا اختلطت امتنعت القِسْمَة.
والثَّاني: يشترط ثم يَتَسَامحون في القِسْمة كما يخلط المسافرون أزوادهم ثم يأكلون، وفيهم الزّهيد والرغيب. ومنها: نِيَّة الخلطة، وفي اشتراطها وجهان:
أحدهما: أنها تشترط، لأنها تغير أمر الزَّكَاة، إما بالتَّكْثِير أو بالتَّقْلِيل، ولا ينبغي أن يكثر من غير قصده ورضاه ولا أن يَقُلْ إذا لم يقصد محافظة على حق الفقراء.
وأظهرهما: أنها لا تشترط فإن الخَلْطَة إنما تؤثِّر من جهة خفَّة المؤنة باتِّحَاد المرافق، وذلك لا يختلف بالقصد وعدمه، وهذان الوجهان كوجهين يأتيان في قصد الاسَامَة والعَلَفِ، ويجريان غالباً فيما لو افترقت المَاشية في شيء مِمَّا يعتبر الاجتماع فيه بنفسها أو فرقها الرَّاعي ولم يشعر المالكان إلا بعد طول الزَّمان؟ هل تنقطع الخلطة أم لا؟ ولو فرقاها أو أحدهما قصداً في شَيْءٍ من ذلك انقطع حكم المخالطة وإن كان يسيراً والتفرق اليسير من غير قصد لا يؤثر، لكن لو اطَّلَعَا عليه فأقراها على تفرقهما ارتفعت الخلطة؟ ومهما ارتفعت الخلطة فعلى من كان نصيبه نصاباً زكاة الانفراد إذا تَمَّ الحَوْل من يوم المِلْك لا من يوم ارتفاعه.
وأما قوله: "ووجد الاختلاط في أول السنة"، وقوله: "واتفاق أوائل الأحوال"