يتعرّض له الكُفّار إذا خرج المسلمون منها، ويكره تَخْصِيص القبر والكتابة والبناء عليه (?)، لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَخْصِيصِ الْقَبْرِ وإنْ يُبنَى عَلَيْهِ وإنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ وأنْ يُوْطَأَ" (?). ولو بني عليه هُدِمَ كانت المقبرة مُسْبلَة، وإن كان القبر في مِلْكه فلا.

وأما قوله: "فلا يطيّن" فليس له ذكر في أكثر كتب الأصحاب، وإنما ذكره المصنف وإمام الحرمين كأنهما ألحقا التَّطْيين بالتَّجْصِيص، لكن لا يبعد الفرق بينهما، فإن التَّجصيص زينة دون التَّطيين أو الزِّينة في التَّجصيص أكثر، وذلك لا يناسب حال الميت، وقد روي أبو عيسى التّرمذي في "جامعة" عن الشافعي -رضي الله عنه- أنَّه لا بأس بالتَّطيين، وروى مثله عن أحمد، ذلك أن تعلم قوله: "ولا يطين" بالواو والألف، ويستحب أن يرش الماء على القبر ويوضع عليه الحصى، روي ذلك "عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بِقَبْرِ ابنِهِ إِبْرَاهِيمَ" (?). "وَرَشَّ بِلاَلٌ -رَضِيَ الله عَنْهُ- عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-" (?).

ويستحب أن يوضع عند رأسه صَخْرَة أو خَشَبَة ونحوها.

"وَضَعَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- صَخْرَةَ عَلَى رَأْسِ قَبْرِ عُثْمَانُ بْنِ مَظْعُونٍ، وَقَالَ: أُعَلِّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي" (?).

وقوله في الكتاب: "ولا بأس بالحصى، ووضع الحجر" لا يقتضي إلا نفي الحُرْمة والكراهة وهما مع ذلك مستحبَّان نص عليه الأئمة كما بيناه فاعرف ذلك، ثم الأفضل في شَكْلِ القبر التَّسْطِيح أو التَّسِنْيم، ظاهر المذهب أن التسطيح أفضل. وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد -رحمهم الله-: التَّسْنِيم أفضل. لنا أَنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- "سَطَّحَ قَبْرَ ابْنِهِ إِبْرَاهِيم" (?). "وَعِنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ قَبْرَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وأبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ- رَضِيَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015