أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: قَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ: " ذُكِرَ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ رَجُلٌ هَجَرَ رَجُلًا حَتَّى مَاتَ فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ قَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ قَوْمٌ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَ مُهَاجِرًا لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ حَتَّى هَلَكَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ كَانَ مُهَاجِرًا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ مُهَاجِرَةً لِحَفْصَةَ وَكَانَ طَاوُسٌ مُهَاجِرًا لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ حَتَّى مَاتَ " قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ أَمَّا مَا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ مِنَ الْأُمُورِ وَحَدَثَ فِي زَمَانِهِمْ مِنِ اخْتِلَافِ الْآرَاءِ فَإِنَّهُ بَابٌ كُلَّمَا قَلَّ التَّسَرُّعُ فِيهِ وَالْبَحْثُ عَنْهُ كَانَ أَوْلَى بِنَا وَأَسْلَمَ لَنَا، وَمِمَّا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْتَقِدَ فِي أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا أَئِمَّةً عُلَمَاءَ قَدِ اجْتَهَدُوا فِي طَلَبِ الْحَقِّ وَتَحَرَّوْا وِجْهَتَهُ وَتَوَخَّوْا قَصْدَهُ فَالْمُصِيبُ مِنْهُمْ مَأْجُورٌ وَالْمُخْطِئُ مَعْذُورٌ وَقَدْ تَعَلَّقَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِحُجَّةٍ وَفَزِعَ إِلَى عُذْرٍ وَالْمُقَايَسَةُ عَلَيْهِمْ وَالْمُبَاحَثَةُ عَنْهُمُ اقْتِحَامٌ فِيمَا لَا يَعْنِينَا. وَاللَّهُ تَعَالَى يَغْفِرُ لَنَا وَلَهُمْ بِرَحْمَتِهِ. وَلَيْسَ التَّهَاجُرُ مِنْهُمْ وَالتَّصَارُمُ بِأَكْثَرَ مِنَ التَّقَاتُلِ فِي الْحُرُوبِ وَالتَّوَاجُهِ بِالسُّيُوفِ وَلَا أَعْجَبَ مِنَ التَّبَاهُلِ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَازُعِ فِي التَّأْوِيلِ وَكُلٌّ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ مَأْجُورٌ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِهِ فِي طَلَبِ الْحَقِّ وَحُسْنِ نِيَّتِهِ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَنَسْأَلُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُ رَءُوفٌ رَحِيمٌ. فَأَمَّا مَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ طَبَقَاتِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَلَنَا مُنَاظَرَتُهُمْ فِي مَذَاهِبِهِمْ وَمُوَافَقَتُهُمْ عَلَيْهَا وَالْكَشْفُ عَنْ حُجَجِهِمْ وَالْقَوْلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015