أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْآبُرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ فَارِسَ بْنَ عِيسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: " وَجَدْتُ صَخْرَةَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَيْهَا أَسْطُرٌ. فَجِئْتُ بِمَنْ تَرْجَمَهَا فَإِذَا عَلَيْهَا مَكْتُوبٌ: كُلُّ عَاصٍ مُسْتَوْحِشٌ وَكُلُّ مُطِيعٍ مُسْتَأْنِسٌ وَكُلُّ خَائِفٍ هَارِبٌ وَكُلُّ رَاجٍ طَالِبٌ وَكُلُّ قَانِعٍ غَنِيُّ وَكُلُّ مُحِبٍّ ذَلِيلٌ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ أَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ:
[البحر المتقارب]
فَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَوْحَشَتْكَ الذُّنُوبُ ... فَدَعْهَا إِذَا شِئْتَ وَاسْتَأْنِسِ
قَالَ: وَأَنْشَدَنِي رَجُلٌ فَاضِلٌ مِنْ أَهْلِ زَمَانِنَا لِنَفْسِهِ فِي كَلِمَةٍ لَهُ:
وَيَأْنَسُ مِنْ وَحْدَةِ الْعَارِفِينَ ... فَأَوْحِشْ مِنْ وَحْدَةِ الْجَاهِلِ
قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إِنَّمَا يَسْتَوْحِشُ الْإِنْسَانُ بِالْوَحْدَةِ لِخَلَاءِ ذَاتِهِ وَعَدَمِ الْفَضِيلَةِ مِنْ نَفْسِهِ فَيَتَكَثَّرُ حِينَئِذٍ بِمُلَاقَاةِ النَّاسِ وَيَطْرُدُ الْوَحْشَةَ عَنْ نَفْسِهِ، بِالْكَوْنِ مَعَهُمْ فَإِذَا كَانَتْ ذَاتُهُ فَاضِلَةً طَلَبَ الْوَحْدَةَ لِيَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى الْفِكْرَةِ وَيَتَفَرَّغَ لِاسْتِخْرَاجِ الْحِكْمَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الِاسْتِئْنَاسُ بِالنَّاسِ مِنْ عَلَامَاتِ الْإِفْلَاسِ