العزله للخطابي (صفحة 275)

إِنَّ الرَّجَاءَ الَّذِي قَدْ كُنْتُ آمُلُهُ ... جَعَلْتُهُ وَرَجَاءَ النَّاسِ فِي كَفَنِ

قَالَ وَرُوِيَ لِذِي النُّونِ الْمِصْرِيِّ:

[البحر البسيط]

مَلَكْتُ نَفْسِي وَذَاكَ مُلْكٌ ... مَا مِثْلُهُ لِلْمُلُوكِ مُلْكُ

فَصِرْتُ حُرًّا بِمِلْكِ نَفْسِي ... فَمَا لِخَلْقٍ عَلَيَّ مُلْكُ

قَالَ أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْمُؤَدِّبُ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْحَدَّادِيُّ فِي الْإِقْلَالِ مِنْ صُحْبَةِ السُّلْطَانِ:

[البحر البسيط]

إِنَّ الْمُلُوكَ بَلَاءٌ حَيْثُ مَا حَلُّوا ... فَلَا يَكُنْ لَكَ فِي أَكْنَافِهِمْ ظِلُّ

مَاذَا تُؤَمِّلُ مِنْ قَوْمٍ إِذَا غَضِبُوا ... جَارُوا عَلَيْكَ وَإِنْ رَضِيتَهُمْ مَلُّوا

وَإِنْ نَصَحْتَهُمْ ظَنُّوكَ تَخْدَعُهُمْ ... وَاسْتَثْقَلُوكَ كَمَا يُسْتَثْقَلُ الْكَلُّ

فَاسْتَغْنِ بِاللَّهِ عَنْ أَبْوَابِهِمْ كَرَمًا ... إِنَّ الْوُقُوفَ عَلَى أَبْوَابِهِمْ ذُلُّ

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وَكَانَ الْعَتَّابِيُّ لَا يَقْرَبُ السُّلْطَانَ وَلَا يَسْتَمِيحُهُ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا مُحَمَّدٌ الْأَمِينُ يَهَبُ مَا بَيْنَ الْعَشْرَةِ الْآلَافِ وَالْمِائَةِ أَلْفٍ وَأَنْتَ رُبَّمَا تَحْتَاجُ إِلَى عَشْرَةِ دَرَاهِمَ فَكَيْفَ لَا تَقْصِدُهُ؟ فَقَالَ: لِأَنِّي رَأَيْتُهُ يَهَبُ الْعَشْرَةَ الْآلَافَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَيُرْدِي الرَّجُلَ مِنَ السُّورِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَلَسْتُ أَدْرِي أَيُّ الرَّجُلَيْنِ أَكُونُ عِنْدَهُ وَلَيْسَ الَّذِي أُغَرَّرُ بِهِ كَالَّذِي آمُلُهُ مِنْهُ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ بَعَثَ بَعْضُ الْعُمَّالِ إِلَى أَبِي عُمَرَ صَاحِبِ أَبِي الْعَبَّاسِ رَسُولًا يَقُولُ لَهُ: أَخْبِرْنِي بِمِقْدَارِ مَا يَمُرُّ لَكَ فِي النَّفَقَةِ فِي سَنَةٍ حَتَّى أُجْرِيَهُ لَكَ فَقَالَ لِلرَّسُولِ: قُلْ لَهُ عَافَاكَ اللَّهُ أَنَا فِي جِرَايَةٍ مَنْ إِذَا سَخَطَ عَلَيَّ لَمْ يُسْقِطْ جِرَايَتِي. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إِنَّ الَّذِي يُحْدِثُ لِلسُّلْطَانِ التِّيهَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَالْإِعْجَابَ بِآرَائِهِمْ كَثْرَةُ مَا يَسْمَعُونَهُ مِنْ ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ أَنَّهُمْ أَنْصَفُوهُمْ فَصَدَقُوهُمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ لَأَبْصَرُوا الْحَقَّ وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنْ أُمُورِهِمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015