البشر الواحد بأنه وحيد في صفة فإنه واحد من باب أولى، ومع هذا فهو جسم من الأجسام.
وأما في العقل: فإن الواحد الذي وصفوه يقول لهم فيه أكثر العقلاء وأهل الفطر السليمة أنه أمر لا ينقل، ولا له وجود في الخارج، وإنما هو أمر مقدر في الذهن، فليس في الخارج شيء موجود لا يكون له صفات، ولا قدر، ولا يتميز منه شيء عن شيء، بحيث يمكن أن يرى ولا يدرك ولا يحاط به، وإن سماه المسمى جسما.
وأما في الشرع: فنقول: إن مقصود المسلمين أن الأسماء المذكورة في القرآن والسنة وكلام المؤمنين المتفق عليه بمدح أو ذم، تعرف مسميات تلك الأسماء حتى يعطوها حقها، ومن المعلوم بالاضطرار أن اسم الواحد لما في كلام الله لم يقصد به سلب الصفات، وسلب إدراكه بالحواس، ولا نفي الحد والقدر، ونحو ذلك من المعاني التي ابتدعها هؤلاء1.
وأما حجة التركيب التي اعتمد عليها هؤلاء الفلاسفة في نفي الصفات وهي قولهم: "إنه لو كان صفة لكان مركبا، والمركب يفتقر إلى جزئيه، وجزءاه غيره، والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه"، فهي تتكون من ألفاظ مجملة، بمعنى أن كل لفظة منها تحتمل عدة معان، فلابد من توضيح المراد من كل لفظ- أولا- حتى يتكلم فيه.