الذات، ومن تعيينها مباينتها للمخلوقات، ومن المباينة العلو عليها، لما تقدم من تقريره"1.
الثالث: إنه قد ثبت بصريح المعقول أن الأمرين المتقابلين إذا كان أحدهما صفة كمال والآخر صفة نقص، فإن الله يوصف بالكمال منهما دون النقص، فلما تقابل الموت والحياة وصف بالحياة دون الموت، ولما تقابل العلم والجهل، وصف لي العلم دون الجهل، ولما تقابل القدرة والعجز وصف بالقدرة دون العجز، ولما تقابل المباينة للعالم والمداخلة له وصف بالمباينة دون المداخلة، وإذا كان مع المباينة لا يخلو إما أن يكون عاليا على العالم أو مسامتا له، وجب أن يوصف بالعلو دون المسامتة، فضلا عن السفول.
والمنازع يسلم أنه موصوف بعلو المكانة، وعلو القهر، ؤعلو المكانة معناه أنه أكمل من العالم، وعلو القهر مضمونه أنه قادر على العالم، فإذا كان مباينا للعالم كان من تمام علوه أن يكون فوق العالم، لا محاذيا له ولا سافلا عنه.
ولما كان العلو صفة كمال، كان ذلك من لوازم ذاته، فلا يكون مع وجود غيره إلا عاليا عليه، لا يكون- قط غير عال عليه2
وبهذه النماذج التي أوردناها عن الأدلة العقلية يتضح لنا مدى دلالة المعقول الصريح على إثبات علو الله ومباينته لخلقه، وكذلك مدى