بعرب شبه الجزيرة سواء في العصر السابق لظهور الإسلام, أو بعد ظهور الدعوة الإسلامية وفترة الفتوحات العربية. وهي كتابات عكست تصور العرب آنذاك, ولكننا لا يمكن أن ننظر إليها الآن كحقائق علمية, وإن كانت من جهة أخرى لا تخلو من فائدة فيما تعكسه من اختلافات بين عرب الجنوب وعرب الشمال في شبه الجزيرة, وهو اختلاف له أصوله من حيث الغنى والفقر والحضارة والبداوة وأسلوب الحياة بوجه عام، كما تعكس لنا ذكريات، مهما كانت باهتة في أذهان العرب آنذاك، عن أقوام من شبه الجزيرة ظهروا في بعض الفترات ثم هاجروا أو اندثروا وبعضهم، رغم وحدة المقام في شبه الجزيرة العربية, كانوا يتحدثون بلهجات أخرى غير اللهجة التي أصبحت لغتهم العربية. ولعل كل ما يمكن أن نصل إليه في هذا الموضوع بشكل محدد هو أن عرب شبه الجزيرة الذين سبق أن رينا كيف أسهمت الظروف في تبلور شخصيتهم أو هويتهم الجماعية بشكل تدريجي في الفترة السابقة للإسلام، كانوا عند ظهور الإسلام قد بدءوا يشعرون بشكل محدد بأنهم قوم لهم صفة عربية محددة سواء كمجموعة بشرية لها صفات عامة تجمعها وتميزها عن غيرها، أو كأصحاب لغة عامة موحدة تجمع بينهم رغم اختلاف لهجاتهم المحلية، وأن لديهم انطباعا عاما يعتقدون من خلاله أنهم ينحدرون من سلالة إبراهيم -عليه السلام- وقد أكد القرآن الكريم هاتين الفكرتين بشكل يدل على أن عرب شبه الجزيرة كان لديهم هذا الانطباع47.