معرضًا لأن يضل طريقه في أثناء تنقله من مكان إلى مكان. والأشجار وبخاصة شجرة النخيل كانت تشكل عنصرا أساسيا في حياة البدوي يعتمد على تمرها كغذاء رئيسي ويعتمد على أجزاء أخرى منها لتغطية حاجات وضرورات أخرى في حياته اليومية، والشجرة تصبح أكثر أهمية ومن ثم أكثر قداسة بالنسبة له في المناطق التي يقل فيها الشجر؛ وبالتالي تصبح شيئا يعتمد عليه البدوي ويلتصق به بدرجة أكبر. والكهوف تمثل في الصحراء نقطة الحماية التي يلجأ إليها البدوي للاحتماء من الشمس أو من الأعداء، وقد لجأ الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو ورفيقه أبو بكر الصديق إلى غار حراء، على سبيل المثال، للاحتماء من متتبعيه من قريش في الفترة التي ضيقت هذه خلالها الخناق عليه هو وأتباعه. أما ينابيع المياه فهي بالضرورة نبع الحياة في الامتدادات الصحراوية المقفرة التي لا تعرف الأنهار وقد تمر سنوات متتابعة لا تنزل بها الأمطار، وإذا نزلت فهي تنزل بغير انتظام وتكون قصيرة المدى رغم شدتها التي قد تبلغ مبلغ السيل في بعض الأحيان.

وهذا النوع من العبادة أو التقديس هو ما يعرف باسم "الأرواحية" أو حيوية المادة صلى الله عليه وسلمNIMISM أي أن يتصور المرء أن هناك روحًا تحل في هذه الأشياء فتعطيها هذه الفائدة الحيوية بالنسبة له. وربما لم يصل الأمر دائما إلى عبادة هذه الأشياء أو على الأقل إلى عبادتها بصفة دائمة، ولكن تقديسها ظل قائما في كل الأحوال، حتى حين انتقل البدوي إلى مرحلة دينية أكثر تطورًا حين بدأ يعتقد في قوى إلهية أكثر شمولا وأكثر تجريدا، كما حدث عندما ظهرت في منطقة الحجاز أو انتقلت إليها عبادات اللات والعزى ومناة وبعل39.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015