عن التجار العرب فلا يرد ذكر لها سواء في نقوش أو كتابات هذه الفترة61. بل نحن نجد شاهدا على تدهور النشاط البحري العربي عموما فيما حدث في عام 524-525م حين أرسل أتزبيهه atzbeha ملك الحبشة "أكسوم" حملة من أدوليس عبرت البحر الأحمر ورست على شواطئ اليمن. ورغم أن هذه الحملة لقيت بعض المقاومة على هذا الشاطئ إلا أن حاكم المنطقة الحميري "ذا نواس" لم يكن لديه أسطول وانتهى الأمر باحتلال القوات الحبشية للمنطقة62. ولكن إذا كان النشاط التجاري البحري لغرب شبه الجزيرة لم يصل إلينا شيء عنه في ذلك العصر، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنه اختفى نهائيًّا، وربما يكون الاستنتاج المعقول، حسبما يرى باحث معاصر، هو أنه "لم يعد يلعب دورا جديرا بالملاحظة في البحار الكبيرة"63 بل أصبح يدور في نطاق محلي. وقد كان هذا طبيعيا في إطار التدهور الاقتصادي والسياسي الذي لحق بالعربية الجنوبية في القرن السادس الميلادي. وأضيف، تأييدا لهذا الرأي، أن الإشارة إلى نشاط بحري تجاري عربي ترد في القرن السادس مرتين على الأقل، إحداهما عند طرفة بن العبد والأخرى عند المثقب العبدي، كما ترد الإشارة إلى هذا النشاط في القرن السابع في عدد من آيات القرآن الكريم64.