عديدة من آثارهم والتي يظهر فيها رسم النخلة بشكل ظاهر14.

أما في القرآن الكريم الذي تشير آياته إلى أحوال شبه الجزيرة في الفترة الأخيرة من العصر الجاهلي فتبرز فيه شجرة النخيل لتحتل، مع الأعناب, المكان الأول بين الأشجار التي يشير إليها وإلى أهميتها في مجتمع تلك الفترة على نحو ما أسلفت15. وفي الواقع فإن الإشارة إلى الأعناب متواترة في الشعر الجاهلي، أحيانًا بوصفها أعنابًا فحسب، وأحيانًا أخرى بوصفها الفاكهة التي تصنع الخمر من عصارتها، وأحيانًا ثالثة في وصف مطول مفصل للخمر وما تبعثه في النفس، وهو وصف لا نكاد نرى شاعرا جاهليا إلا وعرج عليه في قصيدة على الأقل من قصائده, فيما عدا استثناءات قليلة، بل إن بعض شعراء العصر الجاهلي جعلوا من إفراطهم في شرب الخمر وحرصهم على ذلك نقطة فخر بالنسبة لهم في عديد من المناسبات. وقد يفيد في إعطائنا صورة من هذا الفخر وهذا الحرص أن أشير، كمثال من بين أمثلة عديدة، إلى موضعين في شعر طرفة بن العبد، يساوي في موضع منهما بين مبادرته إلى الشراب قبل الآخرين، وبين مبادرته لنجدة من يلجأ إليه، كاثنتين من لذات الحياة التي يسعى إليها، بينما يفخر في الموضع الآخر بأن قومه لا تعز الخمر عليهم ولو دفعوا خير إبلهم ثمنًا لها16.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015