ورغم ما بين شعر هوميروس، وبين الشعر الجاهلي من مواطن الخلاف في التركيب أو التكوين الفني، إلا أن أوجه الشبه كثيرة إذا ما نظرنا إلى كل منهما على أنه مصدر تاريخي وحضاري, فالإلياذة والأوديسية مكونتان من أناشيد ومقطوعات شعرية تماثل المقطوعات التي يمكن أن نقسم إليها المعلقات أو القصائد الجاهلية من حيث إن كلًّا منها يرسم منظرا أو موقفا يصور جانبا من جوانب الحياة في المجتمع الذي ينتمي إليه. فوصف هوميروس في النشيد الثامن عشر من ملحمة الإلياذة لعدد من الثيران وبعض كلاب الرعي وقطيع من الغنم في أحد المناظر المرسومة على درع أخيليوس صلى الله عليه وسلمchileus، يقابله وصف الحصان وسرب من بقر الوحش في معلقة امرئ القيس أو وصف الناقة في معلقة طرفة بن العبد، والمنظر الذي يتعلق بدفع الدية لأهل القتيل في النشيد نفسه من الإلياذة يقابله وصف لدفع الدية بين بني عبس وبني ذبيان في معلقة زهير بن أبي سلمى3. وإلى جانب هذه المناظر المتقابلة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بين شعر هوميروس والشعر الجاهلي توجد عشرات من المناظر تصور طريقة كل من المجتمع اليوناني المبكر والمجتمع اليوناني في شتى مناحي الحياة وممارستها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015