جوانب الاهتمام الذي ظهر في هذه المرحلة بشئون شبه الجزيرة19.
وأول الكتاب الذين ينتمون إلى هذه المرحلة، وهو الجغرافي سترابون strabo لا يسعى إلى التعريف بكل الأماكن الموجودة في شبه الجزيرة أو التفصيل في الحديث عن كل جوانب الحياة فيها، كما كان يحاول من سبقه من كتاب العصر المتأغرق، وربما كان ذلك نتيجة لتصوره المعلومات الجغرافية على أنها من لوازم رجل السياسة في معالجته للشئون العامة، وهو تصور أعرب عنه بصراحة في الكتاب الأول من دراسته الجغرافية الكبيرة20. ويبدو أن هذا التصور كان وراء انتقائه أو استبعاده لهذا الجانب أو ذاك في جمعه لمعلوماته عن شبه الجزيرة العربية، بحيث جاءت في محصلتها النهائية أقرب إلى أن تكون دليلا جغرافيا سياسيا عن المنطقة لرجل السياسة المثقف.
ومن هذا المنطلق فهو لا يذكر "أو ينقل عن سابقيه" من الأماكن الواقعة على الساحل الشرقي لشبه الجزيرة أو الواقعة قرب هذا الساحل سوى مدينتين وجزيرتين من جزر الخليج, رأى فيها مواقع ذات أهمية تجارية21، كذلك نجده يهتم بالحديث عن التغيير الذي عاصره في مسار الخطوط التجارية البحرية والبرية من موانئ وطرق الجانب الشرقي للبحر الأحمر إلى موانئ وطرق الجانب الغربي لهذا البحر محددا بدايات الخطوط ونهاياتها والمواقع التي تمر بها قبل التغيير وبعده22. وهو يتعرض لنظام الحكم الذي كان يسود بعض المناطق العربية التي يبدو أنها كانت، في تقديره، على قدر من الأهمية السياسية أو الاقتصادية أو بسبب موقعها واتصالاتها الخارجية، كما يتعرض للعلاقات