ب- النحت والمخربشات:
وأنتقل الآن إلى الحديث عن النوع الثاني من الآثار وهو النحت الذي يتخذ شكل تماثيل، والنحت البارز الذي يتخذ شكل صور أو زخارف بارزة على واجهات أو جدران المباني أو المسلات. ومن أمثلة هذه الآثار في شبه الجزيرة العربية تمثال حجري عثر عليه قرب القلعة الموجودة في جزيرة تاروت التي تكاد تلاصق الشاطئ الغربي للخليج عند القطيف. والتمثال له دلالة حضارية كبيرة بالنسبة لتاريخ هذه المنطقة، فهو يشبه التماثيل السومرية التي وجدت في جنوبي العراق والتي يرجع تاريخها إلى نحو ثلاثة آلاف سنة ق. م. وهذا يدل على اتصال وثيق بين هذا القسم من شبه جزيرة العرب وبين حضارة وادي الرافدين في هذه الفترة المبكرة7، وهو اتصال له ما يؤيده من البقايا الفخارية المتشابهة التي عثر عليها في المنطقتين كما سنرى بعد قليل، بما يحمله هذا من معانٍ وما قد يلقيه من أضواء على بعض الجوانب الخاصة بأصل الحضارة السومرية أو بتأثيراتها. كذلك عثر في المعبد اللحياني في الخريبة "مدينة العلا القديمة قرب مدائن صالح في القسم الشمالي الغربي من شبه الجزيرة" على تمثال صغير "طوله متر واحد" يبدو نسخة مصغرة من التماثيل المصرية القديمة سواء في وقفته المتصلبة أو في الذراعين الملتصقين بجانبي الجسم أو في اليدين المقبوضتين. ولم تظهر دراسة مفصلة عن هذا التمثال حتى الآن، ولكنه يشير بشكل واضح إلى تسرب التأثير الفني المصري بشكل أو بآخر إلى المنطقة8.