يحدثنا "في أواسط القرن الأول الميلادي" عن بعض مناطق الجنوبية العربية فيذكر أن القتبانيين Gebanitae كانت إحدى مدنهم وهي ثمنه Thomna تضم 65 معبدا، وأن سابوته "شبوه" Sabota عاصمة الحضرميين صلى الله عليه وسلمrtamitae كان بها 60 معبدا. وهذه الظاهرة في حد ذاتها من ظواهر حياة الاستقرار التي تسود المناطق ذات الاقتصاد الزراعي المنتظم, ونحن نلاحظها على سبيل المثال في مصر وفي وادي الرافدين, وقد كانا من الحضارات القائمة على الاقتصاد الزراعي المستقر.
كذلك تدلنا ضخامة البناء وفخامته على مدى البذخ والثروة التي كانت تتمتع بها منطقة سبأ. وفي هذا نعود مرة أخرى إلى شهادة الكاتب الروماني بلينيوس الذي يذكر لنا أن أغنى أقوام العربية الجنوبية هم السبئيون "بسبب خصوبة غاباتهم في إنتاج الطيوب, وبسبب مناجم الذهب -التي توجد لديهم- وأراضيهم الزراعية التي تعتمد على الري -المنظم- وإنتاجهم للعسل والشمع" كما يدل الطراز المعماري للمعبد، بما يظهر فيه من إتقان في مبانيه وأعمدته وزخرفته, على مدى ما وصل إليه اليمنيون من تقدمٍ فنيٍّ في الفترة التي مر بها بناء هذا المعبد على الأقل، وهي تمتد، كما رأينا، عبر ثلاثة قرون, من القرن الثامن إلى القرن الخامس ق. م. وهو تقدم يدل على قدر من الرخاء كان لا يزال سائدا, حسبما تشير شهادة بلينيوس، في القرن الأول الميلادي2