وننتقل الآن إلى الحيوانات التي عرفها العرب في شبه جزيرتهم قبل ظهور الإسلام. وأول ما يطعالنا في هذه المملكة الحيوانية بالضرورة هو الجمل. وقد بدأ الساميون يعرفون الجمل في القرن الثاني عشر ق. م. ولكنه اقترن باسم العرب منذ أن بدأ اسم "العرب" يظهر في مجال الاحتكاكات الدولية بين الشعوب المجاورة لهم وبينهم. فابتداء من أواسط القرن التاسع ق. م تظهر الجمال كجزء من الغنائم التي حصل عليها ملوك الآشوريين كلما كان العرب، وحدهم أو مع غيرهم من الشعوب، هدفا لحملات هؤلاء الملوك. والشيء ذاته نجده في النصوص الفارسية فيما يخص علاقة الفرس بالعرب. وحين قام الملك الفارسي حشويرش "الذي عرفه اليونان باسم إكسركسيس Xصلى الله عليه وسلمRXصلى الله عليه وسلمS" بحملته على بلاد اليونان في أوائل القرن الخامس "480ق. م" كان جنود الفصائل العربية في جيشه يركبون الجمال21.
وفي واقع الأمر فإن اقتران الجمل باسم العرب ليس شيئا عفويا؛ فالجمل بالنسبة لأهل البادية هو رمز الحياة التي لا يستطيع العرب أن يتصوروها بدونه, فالعربي يشرب لبن الناقة -أنثى الجمل- حتى يوفر المياه "ولنتذكر أن المياه عزيزة في البادية" للماشية التي يعيش عليها بما فيها الجمل نفسه. وهو يأكل لحم الجمل ويغطي نفسه برداء مصنوع من جلده، ويصنع خيمته من وبره ويستخدم بعره وقودا في أغراض الطهي أو التدفئة, ومن بوله يتخذ دواء لبعض الأمراض بما فيها الأمراض التي تصيب الشعر, ولا يقتصر دور الجمل في حياة عرب البادية على ذلك, إذ هو وسيلتهم الأساسية للمواصلات ووسيلتهم