ومن المقطوع به عند كل باحث مسلم، أنّ ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا بالعلم النافع والعمل الصالح، وأول ذلك: أن يقوم جماعة من العلماء بأمرين هامين جدّاً:

الأول: تقديم العلم النافع إلى من حولهم من المسلمين، ولا سبيل إلى ذلك إلا بأن يقوموا بتصفية العلم الذي توارثوه مما دخل فيه من الشركيات والوثنيات حتى صار أكثرهم لا يعرفون معنى قولهم: (لا إله إلا الله) ، وأنّ هذه الكلمة الطيبة تستلزم توحيد الله في عبادته -تعالى- وحده لا شريك له، فلا يستغاث إلا به، ولا يذبح ولا ينذر إلا له، وأن لا يعبدوه -تعالى- إلا بما شرع الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنّ هذا من مستلزمات قولهم: (محمد رسول الله) ، وهذا يقتضيهم أن يُصَفُّوا كتب الفقه مما فيها من الآراء والاجتهادات المخالفة للسنة الصحيحة، حتى تكون عبادتهم مقبولة، وذلك يستلزم تصفية السنة مما دخل فيها -على مر الأيام- من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، كما يستلزم ذلك تصفية السلوك من الانحرافات الموجودة في الطرق الصوفية، والغلو في العبادة والزهد، إلى غير ذلك من الأمور التي تنافي العلم النافع.

والآخر: أن يُرَبُّوا أنفسهم وذويهم ومن حولهم من المسلمين على هذا العلم النافع، ويومئذ يكون علمهم نافعاً وعملهم صالحاً؛ كما قال -تعالى-: {فَمَن كَان يَرجُو لِقَاء ربِّه فَليعمل عملاً صالحاً ولا يُشرك بعبادة ربِّه أَحَداً} [الكهف: 11] ، وحينئذٍ إذا قامت جماعة من المسلمين على هذه التصفية والتربية الشرعية، فسوف لا تجد فيهم من يختلط عليه الوسيلة الشركية بالوسيلة الشرعية؛ لأنهم يعلمون أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد جاء بشريعة كاملة بمقاصدها ووسائلها، ومن مقاصدها -مثلاً-: النهي عن التشبه بالكفار وتبني وسائلهم ونظمهم التي تتناسب مع تقاليدهم وعاداتهم. ومنها: اختيار الحكام والنواب بطريقة الانتخابات، فإن هذه الوسيلة تتناسب مع كفرهم وجهلهم الذي لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015