ثم في الحركة في سبيل الله أنواعٌ من الفوائد:
إحداها: طمأنينة قلوب أهل البلاد حتى يعمروا ويزدرعوا، وإلا فما دامت القلوب خائفة لا يستقيم الحال.
الثانية: أنّ البلاد الشمالية كحلب ونحوها فيها خيرٌ كثيرٌ ورزقٌ عظيمٌ ينتفع به العسكر.
الفائدة الثالثة: أنّه يُقوِّي قلوبَ المسلمين في تلك البلاد من الأعوان والنصحاء، ويزداد العدوُّ رُعباً، وإنْ لم تَحصُلْ حركةٌ فَتَرت القلوب، وربما انقلب قومٌ فصاروا مع العدوّ؛ فإنّ الناس مع القائم.
ولما جاء العسكر إلى الشام كان فيه مصلحة عظيمة، ولو تقدم بعضهم إلى الثَّغْر كان في غاية الجودة.
الفائدة الرابعة: أنهم إنْ ساروا أو بعضهم حتى يأخذوا ما في بلد الجزيرة من الإقامات والأموال السلطانية من غير إيذاء المسلمين كان من أعظم الفوائد، وإنْ ساروا قاطنين متمكنين نَزَلتْ إليهم أمراءُ تلك البلاد من أهل الأمصار والجبال، واجتمعت جنود عظيمة؛ فإنّ غالب أهل البلاد قلوبهم مع المسلمين، إلا الكفار من النصارى ونحوهم، وإلاّ الروافض؛ فإنّ أكثر الروافض ونحوهم مِن أهل البدع هواهم مع العدوّ؛ فإنّهم أظهروا السرور بانكسار عسكر المسلمين، وأظهروا الشماتة بجمهور المسلمين، وهذا معروفٌ لهم من نَوبةِ بغداد وحلب (?) ، وهذه النوبة -أيضاً- كما فعلَ أهل الجبلِ الجرد والكِسْرَوان، ولهذا خَرَجنا في غزوهم لما خَرَجَ إليهم العسكر، وكان في ذلك خيرةٌ عظيمةٌ للمسلمين.
فإذا كانت عامّةُ القلوب هناك وهنا مع هذا العسكر المنصور، وقد أقامه