وخصّت المسلمين، فلو قال قائل: إنّ العالم مذ خلق الله -سبحانه وتعالى- آدم وإلى الآن، لم يُبْتَلَوا بمثلها، لكان صادقاً، فإنّ التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يُدانيها.
ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث: ما فعله بخْت نَصّر ببني إسرائيل من القتل، وتخريب البيت المقدّس، وما البيت المقدّس بالنسبة إلى ما خرّب هؤلاء الملاعين من البلاد، التي كل مدينة منها أضعاف البيت المقدّس، وما بنو إسرائيل بالنسبة إلى مَن قتلوا، فإنّ أهل المدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بني إسرائيل، ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم، وتفنى الدنيا، إلا يأجوج ومأجوج.
وأمّا الدجال؛ فإنه يُبقي على مَن اتّبعه، ويُهلك من خالفه، وهؤلاء لم يُبقوا على أحد، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال، وشقّوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنّة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم» .
وقال عن مجيء (التتر) في (12/375-376) :
«ولقد جرى لهؤلاء ما لم يُسمَع بمثله من قديم الزمان وحديثه: طائفة تخرج من حدود الصين لا تنقضي عليهم سنة (?) حتى يصل بعضهم إلى بلاد أرمينية من هذه الناحية، ويجاوزوا العراق من ناحية همذان، وتالله لا شكّ أنّ من يجيء بعدنا، إذا بَعُد العهد، ويرى هذه الحادثة مسطورة يُنكرها، ويستبعدها، والحق بيده، فمتى استبعد ذلك، فلينظر أننا سطّرنا نحن، وكل من جمع التاريخ في أزماننا هذه في وقت كل من فيه يعلم هذه الحادثة، استوى في معرفتها العالم والجاهل لشهرتها، يسّر الله للمسلمين والإسلام من يحفظهم ويحوطهم، فلقد دُفعوا من العدو إلى عظيم، ومن الملوك المسلمين