وليسوا كذلك، ولم يفهموا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيضاً هم حدثاء أسنان، وهذا معلوم، ومن أدرك تلك الوقعة علم أن أكثرهم من صغار السن، ومن سفهاء الأحلام، وأكثرهم من الجهلة، وليسوا من كبار الناس، ولا ممن يتصدر المجالس، فهذا الحديث صدق على هؤلاء القوم، حسب ما اجتهدت في تطبيقه، وعلى كل حال؛ فهم خارجون عن الطاعة، وخارجون على الإمام، وأنهم فعلوا فعلاً منكراً، ولا شك.
ولا يعني هذا أنّ الخوارج كفّار خارجون عن ملة الإسلام، فإن عليّاً ... -رضي الله عنه- لم يكفرهم، ولكن يكفي أنهم أهل ضلال، وأنه ينبغي أنْ يُقاتلوا، وأنْ لا يبقى منهم أحد بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنّ فسادهم عظيم، وشرهم كبير.
ومما يذكر في هذا المقام، أنّ بعض العلماء أدخل حديث: «يبايع لرجل بين الركن والمقام، ولن يستحل هذا البيت إلا أهله، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب» (?) أدخلوه في باب المهدي، بينما أرى أنه ينطبق على من بويع في تلك الفتنة؛ لأنّ استحلال البيت لا يكون مع مبايعة المهدي، وقد حصل الاستحلال عند مبايعة ذلك الشخص في تلك الفتنة، والله أعلم» .