أخباراً صاغوها بعبارات ركيكة، بنوا عليها تنبؤات، سرعان ما ظهر كذبها.

ثمة أمر مهم؛ وهو: أنّ الكذابين طبقات؛ من حيث زمن الوجود، ومن حيث اصطناع الخبر، وتقصّده، وراج على متأخّريهم -دون قصد منهم للكذب- كذبُ متقدِّميهم.

قال ابن الجوزي: «وفي القُصّاص من يسمع الأحاديث الموضوعة فيرويها، ولا يعلم أنها كذب، فيؤذي بها الناس، وقد صنّف جماعة لا عِلْمَ لهم بالنقل كُتباً في الوعظ والتفسير ملؤوها بالأحاديث الباطلة» (?) .

قال: «وإذا كان القُصَّاص كذلك، فكيف لا يُذَمُّون» (?) .

قال: «وأكبر أسبابه: أنه قد يعاني هذه الصناعة جهّال بالنقل، يقبلون ما وجدوه مكتوباً، ولا يعلمون الصدق من الكذب، فهم يبيعون على سوق الوقت، واتّفق أنهم يخاطبون الجهّال من العوام، الذين هم في عداد البهائم، فلا ينكرون ما يقولون، ويخرجون فيقولون: قال العالم؛ فالعالم عند العوام من صعد المنبر» (?) .

قال أبو عبيدة: وقام العابثون الخائضون -هذه الأيام- في أحاديث الفتن مقام القصاصين قديماً، ولا نعلم لواحد من هؤلاء مشاركات جادة في العلم، والبحث عن الأسانيد، وتخريج الأحاديث، وِفْق قواعد أهل الصنعة الحديثية، وراجت بضاعتهم عند العوام، وظنوهم علماء العصر (?) ! فاشتدت الفتنة، وخرّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015