فَاعْتَبِرْ ذلك؛ يتبيّن لك صحة ما ذهبنا إليه، والله أعلم بالغيب فلا يظهر على غيبه أحداً.

ومما وقع في هذا المعنى لبعض أصحابنا من أهل العصر عندما غلب العربُ عساكرَ السلطان أبي الحسن، وحاصروه بالقَيْروان، وكثر إرجاف الفريقين الأولياء والأعداء، وقال في ذلك أبو القاسم الرُّوحِيُّ -من شعراء أهل تونس-:

أستغفر الله كل حين ... قد ذهب العيش والهناء

أُصبِحُ في تونس وأُمسي ... والصبح للَّه والمساء

الخوف والجوع والمنايا ... يُحدِثُها الهرج والوباء

والناس في مِريَةٍ وحرب ... وما عسى ينفع المِرَاء

فأحمديٌّ يرى عَليّاً ... حلَّ به الهُلْكُ والتَّوَّاء

وآخر قال سوف يأتي ... به إليكم صَباً رخَاء

واللهُ من فوق ذا وهذا ... يقضي لعبدَيْه ما يشاء

يا راصد الخُنَّس الجواري ... ما فعَلَتْ هذه السماء

مطَلْتُمونا وقد زعَمْتم ... أنكم اليوم أمِليَاء

مَرَّ خميسٌ على خميس ... وجاء سبتٌ وأربعاء

ونصف شهر وعُشْرُ ثان ... وثالث ضَمَّه القضاء

ولا نرى غيرَ زورِ قول ... أذاك جهلٌ أمِ ازدراء

إنا إلى الله قد علمنا ... أن ليس يُستَدْفَع القضاء

رضِيتُ بالله لي إلهاً ... حسبُكُم البدرُ أو ذُكَاء

ما هذه الأنجُمُ السواري ... إلاَّ عَبَاديد أو إماء

يُقضَى عليها وليس تَقضِي ... وما لها في الورى اقتضاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015